حزب الامة القومي
ندوة سياسية مشتركة بين لندن وأم درمان
المشهد السوداني
بين موجات الحراك الشعبي وآفاق الخلاص الوطني
السبت الموافق 21 يوليو 2018م- لندن
الإمام الصادق المهدي
بسم الله الرحمن الرحيم
أخواني وأخواتي، أبنائي وبناتي
السلام عليكم ورحمة الله،
ويطيب لي أن ألتقيكم هنا. في الماضي كانوا يصنفون هذه البلاد دار حرب، ولكني قلتُ إن دار الحرب هي التي تُكتم فيها الحريات وكرامة الإنسان، ولكن البلاد التي تتوافر فيها كرامة الإنسان والحرية هي دار السلام، ولا شك أنكم وكثيرٌ منكم لجأ لهذه البلاد ووجد فيها ترحيباً ومتسعاً، ولكن رغم ذلك لا شك أيضاً أنكم تحنون للوطن وتريدون أن تستمعوا لشؤونه لأن:
المرء قد ينسى المسيء المفترى والمحسنا
و مرارة الفقر المذلّ بلى ولذّات الغنى
لكنّه مهما سلا هيهات يسلو الموطنا
سأحدثكم حول الشأن السوداني في هذه المرحلة عبر عشر نقاط:
الأولى: مصير السودان المظلم إذا استمر النظام الحالي.
الثانية: ما سوف نفعل لخلاص الوطن من هذا المصير؟
الثالثة: ما هي آخر مداولات النظام الحالي معنا؟
الرابعة: ما هي آخر محطاتنا مع الحكم في مصر؟
الخامسة: حقيقة نداء السودان ما هو كتنظيم وما فيه من فصائل؟
السادسة: ما هي علاقتنا بحركة الأخوان المسلمين؟ لأن كثيراً من الشبهات تدور حول هذا الموضوع.
السابعة: دعوتنا لإنهاء الحروب في المنطقة كلها عربية وأفريقية.
الثامنة: الفرصة التي أتاحها لنا الإجراء الذي حدث لنا في القاهرة، لأن مع كل أزمة فرصة فما الذي سنفعل بهذه الفرصة؟
التاسعة: في طوافنا الحالي نلتقي ممثلين للأسرة الدولية، لحكومات وبرلمانات، ماذا نريد منهم؟
النقطة العاشرة والأخيرة: متى عودتي للسودان؟
النقطة الأولى: جدوى استمرار النظام:
هذا الموضوع يتعلق بسؤال مهم: ما هي جدوى وقابلية النظام أن يستمر؟ هذا النظام محاصر من عدة جبهات.
أولاً: الحصار الفكري كل نظام لكي يستمر يحتاج جدوى من رؤية حول كيانه الفكري، نظام سياسي يوفر الحوكمة الراشدة، نظام اقتصادي يوفر للناس المعيشة، نظام أمني يكفل للناس أمنهم، وعلاقات دولية مجدية.. هذه ما لم تتوافر للنظام لا جدوى لاستمراره بل قطعاً لا يستمر.
النظام السوداني رفع شعاراً إسلامياً وأفرغه من محتواه، النظام الإسلامي لا بد أن يوفر للناس الكرامة، والحرية، والعدالة والمساواة، والسلام. ما لم تتوافر لنظام هذه الأمور لا يستطيع أن يدعي جدوى إسلامياً.
هنالك مبادئ إنسانية وإسلامية خرقها هذه النظام، والآن هذا النظام نظام أمنجي متخندق وتحرسه مليشيات على حساب مؤسسات الدولة النظامية.
إذن الذي ينبغي أن نذكره فيما يتعلق بالمحتوى الفكري لهذا النظام الآن هو خاوٍ، لا يوجد محتوى فكري للنظام الحالي، بل صار خاوياً. أحصينا كل المفكرين الذين كانوا يؤيدون هذا النظام ويعرفون ألف باء تاء ثاء فكرية، كلهم خرجوا من النظام، أحصينا حوالي مائة، أمثال: عبد الوهاب الأفندي، مبارك الكودة، عثمان ميرغني، التجاني عبد القادر، حسن مكي، الطيب زين العابدين، المحبوب عبد السلام، والقائمة تطول. كل إنسان يعرف ثلث الثلاثة فكرياً خرج، وصار وهو خارج يقذف هذه التجربة بالحمم لما فيها من عيوب. وأنا الآن أتكلم معهم مباشرة، وأقول عبركم لهم: إني أرجو أن يجتمعوا وألا يكون الكلام موقفاً فردياً، ويشجبوا هذه التجربة الظالمة، ويتفقوا على مراجعة نهجهم كله حتى يكتبوا لأنفسهم مع شعبهم مصداقية للمستقبل. هذا صار ضروياً للغاية. هذا عدد كبير ومهم وكثير منهم مخلصين جداً، ولكن لا بد أن يجتمعوا ويراجعوا هذه التجربة ويعترفوا بما فيها من أخطاء لكي يكتسبوا مصداقية في نظر الشعب السوداني. لأننا الآن ينبغي عندما ننظر لهذه التجربة كلها أن نتطلع نحن جميعاً أهل السودان لنظام جديد، ومن يريد أن يركب في هذه القافلة ينبغي أن يقوم بتخلية من الروابط مع التجربة الفاشلة.
إذن النظام الحالي صار خاوياً من الناحية الفكرية، بل صار معتمداً فقط على خندقة أمنية، يحرسها أشخاص لا صلة لهم بها، سوى المنفعة المادية.
فميا يتعلق بنظام سياسي راشد، وهذا هو المقياس، النظام مؤسس الآن على التمكين النافي للآخر، المحتكر للسلطة والثروة، وصاروا هم الآن كنظام يعتمد على فرد ملاحق قانونياً جنائياً ومن الفشل أن النظام لا يستطيع أن ينظر أبعد من الاستمرار في نفس الموقف، مع أنه موقف يكلف البلاد عقوبات كثيرة جداً: السودان مصنف من بين عشر دول فاشلة، والسودان مصنف من بين ست دول فاسدة، ولذلك حصيلة ثلاث عقود من الذنب هي هذا المعنى الآن: الفشل والفساد.
ثانياً: الحصار الاقتصادي: ولا جدوى لنظام فاشل في توفير أسباب المعيشة للناس والخدمات الاجتماعية. فترة النفط الجنوبي، من 2000 إلى 2011م، وفرت تغطية مادية، ولكن بعد الانفصال تقررت إجراءات كلها فاشلة: خفض المصروفات، زيادة الإنتاج، زيادة الاستثمارات.
لو أخذنا الميزانية الأخيرة، ميزانية 2018م، الإنفاق 173 مليار جنيهاً، بزيادة 88% من إنفاق السنة الماضية، بدلاً عن أن يكون هناك خفض في المصاريف هنالك زيادة. الإيرادات نتيجة لها يوجد عجز 55 مليار جنيهاً، العجز المستمر هذا يغطى باقتراض من النظام المصرفي حتى أفلسوه، النظام المصرفي في السودان الآن مفلس، لأن الأموال أخذتها الدولة، وحتى الناس الذين لهم أموال مرصودة لا يستطيعون صرفها، لأنه حتى إذا لم تكن قد أُخذت عملوا حجر على المال حتى لا تكون هناك قوة شرائية لكيلا يشتروا بها الدولارات. المصارف السودانية صارت مفلسة وبعد مدة قليلة ستعلن هذا الإفلاس. التضخم 60% وهذا المعلن، هذا فيما يتعلق بإدارة المال داخلياً.
فيما يتعلق بالعجز الخارجي 6 مليار دولار سنوياً، فالحكومة لكي تجري واردات معينة لا بد أن تتوافر لديها عملة صعبة. وهي تشتري العملة الصعبة من السوق الأسود وهذا هو الذي أدى إلى رتفاع جنوني في سعر الدولار.
ولمنع القطاع الخاص من شراء الدولارات لاحتياجاته، لأن تاجر القطاع الخاص يحتاج أموال عملة صعبة لكي يستورد، ولكي يأتي بمدخلات للإنتاج، وليس لديهم إمكانية لهذا، وهذا يؤثر سلباً على الإنتاج.
الحكومة أيضاً تطبع النقود لتشتري الذهب، فالذهب في الغالب ينتج بطريقة فردية، ولكن لأن الحكومة تشتريه بأسعار العملة السودانية، فإن 80% من الذهب يهرب، لأنه حيث يهربونه يشتريه المشترون بالعملة الصعبة.
نتيجة هذه الإدارة المالية العابثة فإن الدولار يقفز بالزانة، لا مجرد قفزة عالية بل بالزانة، في نهاية العام الماضي كان 18 ألف، وليس 18 جنيه كما يقولون بل 18 ألف جنيهاً لأن هناك ثلاث أصفار شطبوها، وهو الآن خمسين يعني خمسين ألف، وهذا يعني عندما نشوف قيمة الدولار في نهاية العهد الديمقراطي والآن زادت قيمته 375000% بالنسبة لسعره في النظام الديمقراطي، طبعاً الأسعار بالدولار طارت، الذي يشتري الآن رغيفة عيش واحدة كان يشتري حوالي 4000 رغيفة عيش زمان، وهذا ينسحب على كل السلع. وطبعاً النظام ألغى دولة الرعاية الاجتماعية التعليم كان مجانياً، الصحة كانت مجانية، تقدير أحد خبرائنا السودانيين الاخ الدكتور إبراهيم البدوي أن الفقر الآن في السودان في المدن 80% في الأرياف 90%، البطالة 45% عامة، ولكن بين الخريجين 90%، لدينا ما يزيد عن مليون ونصف خريج وخريجة عاطلين، وطبعاً هذا كله أدى ويؤدي إلى الهجرات الخارجية .
النتيجة لهذا كله النظام محاصر مالياً، هذا حصار مالي، وليس ضروري جهة سياسية قائمة بهذا الحصار، هذا حصار اقتصادي مالي. هذه الأرقام تشكل حوائط وأسوار المجالات التي فيها النظام محاصر ماليا واقتصادياً.
ثالثاً: الحصار الأمني:
قررت الحكومة اتفاقية سلام ناقصة وفي نهاية اتفاقية السلام تنتهي إلى أن يمنحوا الناس وزارات ويمنحوهم مرتبات، ولكن في النهاية قوى المقاومة المسلحة موجودة في مناطق مختلفة داخل السودان وخارج السودان. ومعلوم أن مؤسسة راند الأمريكية عملت دراسة لـ 684 من الحركات المسيسة ومسلحة من عام 1983 إلى 2008م، النتيجة: لا توجد أي حركة مسلحة ولو بها عشرة أشخاص تنتهي إلا بموجب اتفاق سياسي، ما لم يوجد اتفاق سياسي ستظل مشكلة التحدي المسلح قائمة.
نتيجة للاستعداد لمواجهة هؤلاء جميعاً، ونتيجة لأن النظام يتعامل مع الشعب السوداني باعتباره محتلاً داخلياً، فالحكومة تصرف للاستقطاب السياسي والإداري والأمني 70% من ميزانية الدولة، وهذا سوف يستمر كذلك نتيجة لهذا الموقف الأمني، إن الصرف الذي يبذله النظام هو من أجل المحافظة على النظام كمحتل داخلي، وكمستعد لمواجهة التحديات المسلحة، النظام محاصر أمنياً ويشعر بالخطر على نفسه مهما تبجح وقال، نتيجة لهذا رئيس النظام عندما ذهب لموسكو وقابل الرئيس بوتين استجداه: أنا في خطر تعال واحمني مثلما حميت بشار، هذا الكلام واضح جداً ويبدو أنه لم يكن يدري أن هذا الموضوع مذاع على الهواء لكن الروس أذاعوه وظهرت هذه الحالة. إذن النظام محاصر: أجوف فكرياً وسياسياً، محاصر اقتصاديا، ومحاصر أمنياً.
رابعاً: علاقات النظام الخارجية: فيما يتعلق بالعلاقات الإقليمية النظام اتخذ نهج المناورات، ناور في موضوع السد، يقول للمصريون كلام ويقول للأثيوبيين كلام “يدي الحلة وصاه ويدي النقارة عصاه” يمشي بالمنطق غير المبدئي مع أنه جزء من المحور التركي القطري ويدعم التحالف العربي، ولهذا السبب يثير الشكوك في المحورين ويصنفونه غير صادق ولذلك لا يمدون له يد العون، لذلك هو يغرق ويستغيث ولكن لا مغيث. وآخر المناورات الدور في سلام الجنوب: فاقد الشيء لا يعطيه، أنت عندك ظروفك الحربية والسياسية وغيرها ولا يمكن فاشل وتحمل قلمك لتصحح، لا يصحح، والجنوب، جوبا تتهم النظام السوداني بأنه متآمر مع الطرف الآخر، لا يمكن للنظام السودني أن يقوم بدور وفاقي ومنهجه الداخلي عكس ذلك، فاقد الشيء لا يعطيه.
وآخر المناوارت الزيارة الأخيرة بين النظام السوداني و المصري، لا يزيد هذا المشهد على أنه علاقات عامة، كل المشاكل متروكة معلقة كما هي ولا مشكلة واحدة وو جهت ولا ذكرت حتى، مسألة علاقات عامة ونقدر نقول سياحة سياسية لا يوجد أي محتوى لهذا الموضوع.
والمهم المانع من أن يكون هناك علاقة بين النظاميين واضح جداً:
1. النظام السوداني حاضنته إخوانية، وفي مصر الأخوان مصنفين إرهابيين.
2. النظام السوداني جزء من المحور التركي القطري، والنظام المصري جزء من المحور السعودي الإماراتي.. الخ، المسالة واضحة تماماً أن هناك انتماءات مختلفة ومعادية ولذلك لا يوجد أي مجال لعلاقات مبدئية.
الواضح أن النظام ونحن نرى الآن حركة السفريات من هنا وهناك، سفريات فراشة تتنقل لا توجد أية مبدئية تضبط هذه التنقلات.
في المجالات الخمس هذه: الفكر، والسياسية، والاقتصاد، والأمن، والعلاقات الخارجية؛ النظام محاصر في كل تلك المجالات ويسارع الخطى نحو الهاوية، بل ربما انفجر من الداخل لأن النظام الآن فيه مراكز قوى مختلفة، وهذه المراكز كلها تفكر بصورة ما في المستقبل وضرورة أن يسيطروا عليه، وهذا يعني أن الموضوع في السودان في خطر، فهذه المؤشرات كلها لا غلاط عليها كثير من الناس داخل النظام يقولون هذا الكلام وما عاد هناك خلاف بأن هذا تشخيص للحالة السياسية والاقتصادية والأمنية.
الموضع الثاني: ماذا نفعل للخلاص الوطني من هذا المصير المظلم؟
نحن بيننا وبين النظام خريطة اسمها خريطة الطريق، فيها أجندة لكي نبحث حكم انتقالي، ونبحث السلام، ونبحث الدستور، إلى آخر هذه الأشياء المضمنة في أجندة خريطة الطريق. هذه الخريطة برعاية أفريقية بقيادة السيد ثامبو أمبيكي، وسوف أطلب من مكتبنا هنا إن شاء الله أن يوزع نسخ من هذه الخريطة لكي يعرف الناس ماهية خريطة الطريق. نحن في نداء السودان ملتزمون بتنفيذ هذه الخريطة ولو تابعتم ففي يوم الجمعة قبل الماضية بتاريخ 13 يوليو قرر مجلس الأمن قراره رقم (2429) الذي فيه حث مجلس الأمن الأطراف السودانية تنفيذ خريطة الطريق ولوح بتهديد، الناس الذين لا ينفذونها لهم وعيد.
نحن كتبنا للسيد ثامبو أميكي لنقابله، لنتفق على تنفيذ هذه الخريطة، باعتبار أن هذه إحدى وسائل التعامل مع هذا الموقف: إيجاد مخرج للسودان. هناك كثير من الناس يقولون لا فائدة، بل الفائدة دائماً أن هذا يبقى الشيء الموقع عليه، وهو الشيء الذي تدعمه الأسرة الدولية، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى شيء مثل كوديسا جنوب أفريقيا التي حصلت في عام 1992م وأدت إلى الانتقال من الحرب إلى السلام ومن الدكتاتورية إلى الديمقراطية.
ولكن هنالك مشروع موازي، وهو الحوار الوطني عبر نداء السودان، نعمل لكي نوحد الصف الوطني كله وليس نداء السودان وحده، بل نداء السودان وكل القوى التي تنادي بنظام جديد، نجتهد أن نوحد الكلمة مع هؤلاء جميعاً، وذلك لكي نتفق على أن نكتب مذكرة يوقع عليها الناس بالملايين تقول بوضوح تام: فشلتم وشوهتم الإسلام ومزقتم السودان، سلموا السلطة للشعب وسوف تساءلون أو تحاسبون بالعدل لا بالانتقام. هذا يكون محتوى مذكرة يوقع عليها الناس كلهم بالملاييين، وليس بالضروة الأحزاب السياسية فقط بل كل الناس يوقعوا على هذه المذكرة لكي يثبت خط الشعب بهذه المذكرة.
إلى جانب هذا نحن حضرنا الآن ميثاق؛ “ميثاق بناء الوطن” كيف يكون بناء الوطن في المستقبل ليحقق السلام العادل الشامل والتحول الديمقراطي والنظام اللا مركزي إلى آخر هذا الأشياء، هذا يضمن في ميثاق، الميثاق يرفق معه ما حضرنا الآن وأسميناها “السياسات البديلة” في التعليم في الصحة في الزراعة في الصناعة .. إلخ. يجمع هذا في كتيب يسمى “دليل بناء الوطن” هذا يكون متفق عليه حتى نكون نحن وزملاؤنا كلهم متفقين على خريطة بناء الوطن في المستقبل.
فإن وحدنا الكلمة وعملنا المذكرة لا بد من حراك، والفكرة هذا الحراك يكون اعتصامات لا تكون في العاصمة فقط، بل تكون بالمئات في العاصمة في والأقاليم وفي الأحياء وخارج السودان، كل هذه الاعتصامات ترفع لافتة بهذه العبارة: فشلتم سلموا السلطة للشعب، وهذا يبقى الخط الشعبي التعبوي الذي نمشي فيه، افتكر أن هذا مهم جداً. المحتشدون يرفعوا هذه الشعارات في كل مكان: أنكم مزقتم البلاد شوهتم الإسلام جوعتوا الشعب سلموا السلطة للشعب وسوف نعاملكم بالعدالة لا بالانتقام. ونداء السودان سوف يحدد المسؤولية عن هذا التحرك، ويحدد التوقعات المنتظرة والتوقيتات اللازمة للمراحل المختلفة لهذا الموضوع، هذا إذن ما نفعله لخلاص البلاد من هذه المحنة.
النقطة الثالثة: موقفنا من النظام:
أثناء رمضان، وفي 13 يونيو من هذه السنة انتدب النظام لمقابلتنا في القاهرة وفداً برئاسة الفريق الهادي عبد الله وعضوية الشريف أحمد عمر بدر، واللواء عبد الله علي الصافي والأخ عبد السخي عباس لمقابلة وفد من حزب الأمة مكون من خمسة أشخاص، وهم الذين بدأوا بالمبادرة واتفقوا معنا على كلام واضح وهو تحقيق ما نسميه مناخ مناسب، اتفاق تنفيذ خريطة الطريق الموقع عليها من كل الأطراف، وتهيئة المناخ المطلوب. هذا ما حصل في 13/6 ولكن بعده مباشرة جاء وفد برئاسة نائب الرئيس المسؤول عن المؤتمر الوطني، وفتح معنا كلاماً واتفق معنا وكل ذلك بمبادرة منهم واتفاق، ومع أننا نتكلم باسم حزب الأمة ولكن أيضاً باسم نداء السودان، والاتفاق هو أن تتوافر ونتفق على ونوقع على ظروف معينة للحريات والعفو إلى آخر هذه الأشياء، واتفاق على تنفيذ خريطة الطريق، طبعاً بالإضافة لذلك كان هناك قرار مجلس الأمن الذي كان يوم 13 يوليو قرار (2429) وهو يطابق ما اتفقنا عليه.
يصير الآن الجماعة الذين وقعوا معنا هذا الكلام هل هم ناس جادين؟ إذن عليهم أن يقولوا والله نحن اتفقنا وسننفذ هذا الكلام لأنهم الذين بدءوا بالمبادرة وهم الذين جاءوا وهم الذي أصروا أن يوقعوا على هذا كلام، ونحن كنا نعتقد أنه كلام تهوية ولكن أبداً هم قالوا ممكن يكون اتفاق، اتفاق متعلق بسياسية نداء السودان في تفعيل الخريطة. فالآن هم أمام أنهم يقولوا نحن التزمنا وسننفذ، أو يكون عهداً منقوضاً لا معنى له، ولكن هم الذين عملوا المبادرة وهم الذين اتصلوا وهم الذين وقعوا هذه الوثائق.
النقطة الرابعة: منع السلطات دخولنا القاهرة: السلطات المصرية لها أسبابها وأنا لن أتكلم عنها لكني أعرفها، لديها أسبابها في منعنا من دخول القاهرة، ومثلما أقول أني لا أريد أن أسهب في الكلام فيها، ولكن أود أن أقول الآتي: الإجراء الذي اتخذوه هذا منحنا منافع لا يمكن أن نجدها ولو بثمن لماذا؟ لأنها كشفت أن الكتاب المصريين والمفكرين المصريين والإعلاميين المصريين كتبوا تقريباً بالإجماع يدينون هذا الذي الحدث، وعموماً اعتبروا الذي حدث خطيئة تبارت الأقلام في إدانتها، هذه أقلام مصرية، وأيضاً في القاهرة نفسها قبل أن نسافر وحيث ما حللنا وحيث ما نلتقي مصرياً يقول لي: يا فلان نحن آسفين، أي شخص مصري التقيته في هذه الفترة وفيهم من يقول إنه مستشار، أو مسئول مصري بقولون: نحن متأسفين لهذا الذي حصل، وأنا افتكر أنه هذه أكبر جائزة وأكبر هدية لنا لأنها عملت استفتاء للمفكرين والمثقفين والشعب المصري بمشاعرهم نحونا، وهذه ما كان يمكن أن نعرفها لولا هذه الخطوة. وما التقيت مواطناً مصرياً إلا يقول هذه العبارة: نحن متأسفين على الذي حصل في المطار. وهذا المعنى وهذه المشاعر ما كان يمكن أن نعرفها لولا هذه الإجراءات التي تمت في القاهرة. هذا الموقف القوي الأخوي أكبر عزاء لنا وما كنا سنعرفه لولا هذا الإجراء:
دَعْوَى الإِخَاءِ على الرَّخَاءِ كَثِيرَةٌ بل في الشَّدَائدِ يُعْرَفُ الإِخْوَانُ
بس مش الأخوان المسلمين!
لتكن للحكام في مصر أخبارهم وأسبابهم، ولكن كذلك في السودان أغلب المتحدثين، إلا أولئك الذين هم أصلاً “بالعين حراساتهم”، و”بالع حراسته يعني زول بهضرب”، في الماضي كان الأطفال تصنع لهم أشياء تسمى “حراسة” لتحرسهم من الشياطين، فهناك أطفال يبلعون الحراسة هذه فيستقطبون الشياطين، وتحدث لهم “دودوة شديدة”. فهناك ناس “بالعين حراساتهم”، ولكن أغلبية الكتاب أيضاً في السودان أدانوا هذا الإجراء، ولذلك هذا بالنسبة لنا استفتاء مهم: الانحياز الشعبي المصري السوداني. وأعتقد هذه مسالة ما كان ممكناً لو أنفقنا ما انفقنا أن نعرف هذه المشاعر الأخوية الصادقة الواضحة. ولولا هذا الإجراء ما عرفنا هذا لذلك أنا قلت “المزايا في طي البلايا”. وبعض الناس حينما قلت العبارة التي ذكرتها بداية وقد كانت “الغنم بالغرم” ومعناها أن الفائدة التي تحققها بالضرر الذي يصيبك، ولكن البعض ظن هذا الكلام غير عربي، على أي حال بالعربي ” المزايا في طي البلايا”.
استمرت علاقاتنا جيدة بمصر مع المجتمع الفكري هذه مسالة مهمة، كثير من الناس كانوا عندما يزرون مصر محصور همهم إما علاقة مع الأمن أو تسوق أو سياحة أو تعليم أو صحة أو الحاجات التي لا نتكلم عنها والتي يقول فيها هؤلاء “كايرو تلقى فيها الدايرو”. نحن فتحنا مجال آخر في العلاقة مع مصر وهو الانفتاح على المجتمع المدني المصري، الفكري المصري، الجامعي المصري، الإعلامي المصري، القوى السياسية، وهكذا، افتكر أننا فتحنا مجالاً كبيراً جداً ووجدنا تجاوباً كبيراً جداً في هذا المجال وظهرت الآن المشاعر في هذه الأوساط المصرية غير التقليدية. في الماضي كان السودانيون الذين يذهبون هناك لديهم قضيب معين يمشون فيه، نحن مشينا في خط ليس في ذلك القضيب، واعتقد انه نعم الغرس ونعم الحصاد بالنسبة لما حدث.
ونحن في المطار فكرنا، ومعي الحبيبة مريم والحبيب محمد زكي، هم أشروا لهم لكي يدخلوا، وقالوا لي اختار بلداً لتذهب إليها، وفكرنا، طبعاً الفيزات التي عندنا هي فيزات لأوروبا، ولكن فكرنا أنه كانت لدي دعوة لتركيا لمؤتمر منتدى الوسطية في تركيا وتذاكره جاهزة والفيزا جاهزة، ولكن الذهاب لتركيا يبدو كأنه ردة فعل وأننا قفزنا من معسكر لمعسكر، وبالتالي نكون لا نمشي لتركيا فقط ولكن نمشي في إطار ردة الفعل. وعلى كل حال نشأت فكرة أنه نذهب إلى بلد عربي، والمدهش باتصالات لم تكلف أكثر من عشر دقائق صارت هناك استجابة ودعوة بأننا نمشي لدولة الإمارات، العلاقة مع دولة الإمارات عريقة، طرقنا بابها فكانت الاستجابة في لمح البصر تأكيداً لنهج معنا عرفناه مع الحكيم العربي المرحوم الشيخ زايد آل نهيان، فتعاملوا معنا بإخاء غير متلبس باعتبارات سياسية، وعاملونا أحسن معاملة دون أي اسئلة سياسية “تلت التلاثة كم في السياسة ما في زول سألنا” وهذا اعتبرناه تعاملاً أخوياً خارج الإطار السياسي.
الموضوع الخامس: ملابسات تحالفنا في نداء السودان:
نحن قوى سياسية ومدنية مع فصائل مسلحة أقول: وجود الجيش الشعبي والحركة الشعبية – شمال ووجود الفرقة تسعة وعشرة من ملحقات اتفاقية السلام لعام 2005م، وهي معترف بها دولياً. الفرقة تسعة والفرقة عشرة والجيش الشعبي شمال والحركة الشعبية شمال معترف بها كلها في إطار اتفاقية السلام 2005م، وجود حركة تحرير السودان وحركة العدل والمساواة نتيجة لنهج نظام الخرطوم العنصري فلم تكن هناك حركة من هذا النوع قبل 2002م لم تكن هناك ولا بندقية واحدة ضد الحكومة المركزية مسيسية في دارفور قبل 2002م؛ في 2002م نشأت هذه القوى، هذه الفصائل المسلحة تحظى باعتراف أفريقي ودولي والنظام السوداني نفسه يعترف بها وبوجودها ويحاروها في عدة محطات في أديس ابابا وفي أبوجا وفي الدوحة هذه الفصائل السياسية المسلحة كونت في عام 2012م الجبهة السودانية الثورية، وفي يناير 2013م اعتمدوا ميثاق الفجر الجديد، وبموجبه اعتمدوا إسقاط النظام السوداني بالقوة كإحدى أساليبهم ووسائلهم كما اعتمدوا المطالبة بتقرير المصير للمناطق المهمشة. هذه جملة ما كان في هذه الميثاق.
ونحن، كالاتحاد الأفريقي والأسرة الدولية، والنظام السوداني نفسه، نعترف بوجودهم ومعلوم أن لديهم قضايا تتعلق برفع المظالم. يعني هم موجودين في الساحة السياسية والوطنية السودانية أي كلام على أن هؤلاء ما في أو غير موجودين لا أحد يقوله، فلا الأسرة الدولية تقول ذلك، ولا الاتحاد الإفريقي ولا النظام نفسه، يجتمع ويناقش معهم ويدخل في اتفاقات في الدوحة في أبوجا وفي غيرها، والمهم أنهم باعتبار أن لهم قضايا لرفع المظالم، ومعلوم أيضاً أن هناك مظالم موجودة.
ولمصلحة الوطن دخلنا مع الجبهة الثورية في حوار في مراحل، انتهى لاجتماع في باريس في أغسطس 2014م، تكلمنا معهم وفي النهاية وبعد تداول اتفقنا على إعلان باريس الذي ينص على تحقيق النظام الجديد بوسائل خالية من العنف، وبإقامة سودان العدالة والمساواة، بلا حاجة لتقرير المصير. هذا اختراق حقيقي، لأننا نعتقد هذا الاختراق جعل هناك توافق بين قوى مركزية وقوى هوامش، وناس يمثلون أيضاً تظلماً ثقافياً واثنياً واقتصادياً في السودان، مهم جداً جداً أن تصير لدينا هذه النظرة الآن وفي المستقبل لأن هذا التحالف يمكن أن يكون أساساً للوحدة الوطنية، وقبل ذلك كتبت كتاباً إن شاء الله تجدوا نسخاً منه وهو “الهوية السودانية بين التسبيك والتفكيك”، إذا شعر الناس بالعدالة والمساواة يكون هناك تسبيك وإلا يكون التفكيك.
إعلان باريس عندما تم اشتركت فيه ليس فقط القيادات الموجودة حالياً في نداء السودان ولكن الأخ عبد العزيز الحلو وأيضاً الأخ عبد الواحد محمد نور، اشتركا في إعلان باريس هذا، وبعد إعلان باريس التقينا مع قوى سياسية ومدنية سودانية في أديس أبابا واتفقنا على تكوين نداء السودان؛ نداء السودان تطوير لإعلان باريس.
وفي عام 2016م قدم لنا الوسيط الأفريقي خريطة الطريق، وقع عليها النظام السوداني في مارس 2016م ووقعنا عليها نحن مسؤولو نداء السودان في أغسطس 2016م. ولتفعيل عملنا اتفقنا في نداء السودان على هيكلة لنداء السودان وأكدنا أن نداء السودان تنظيم مدني وسائله التي يتبعها وسائل خالية من العنف لتحقيق النظام الجديد المنشود، واتفقنا أن أية تصرفات مسلحة تتطلبها ظروف الفصائل المسلحة لا تمثل نداء السودان. اتفقنا على كل هذا وجعلناه جزءً من دستورنا، ليكون واضحاً. ولكن نظام الخرطوم الذي جعله كيده يتعامل معنا بالترغيب إن أمكن كما فعل معنا في كثير من الأحيان.. النظام السوداني مثلما قال لي أحد أصدقائه باكراً جداً، عام 1992م، قال لي هؤلاء الناس قالوا لقد نزعنا من ناس فلان هذا السلطة ولم ننزع منهم الشرعية فإما أن يؤيدونا أو أن نقضي عليهم، إما صد أو قبض، هذا هو التفكير، لذلك عرضوا علينا على الأقل ثلاث مرات مشاركة بأعلى مستوى للمشاركة، ولكن نحن قلنا لا مشاركة إلا ضمن نظام دستوري يسترد للناس الحقوق والحريات إلخ، المهم رفضنا فإذا الترغيب لم يفلح يصبح الترهيب؛ الترهيب فتحوا علينا ثلاث مرات بلاغات سنة 2014م بلاغ بالمادة (50) مع أنني انتقدت سلوك بعض قواتهم قالوا أني قلت بإسقاط النظام بالقوة ففتحوا علي بلاغاً واعتقلت في مايو 2014م، والآن أيضاً مرة أخرى فتحوا بلاغين الأول تحت القانون الجنائي والآخر تحت قانون الإرهاب، عشرة مواد، كلها لماذا؟ لأن لدي علاقة تحالفية ضمن نداء السودان مع فصائل يبحثون معها ويجتمعون معها ويناقشون معها ويتفقون معها أحياناً في مسألة تمديد وقف العدائيات، وضمان الإغاثات الإنسانية، يعني حقيقة إجراءات كيدية، المهم هذه البلاغات حيثياتها متعلقة بأن لدينا علاقة تحالفية مع الفصائل المسلحة، والتي كما قلت يحاورونها ويتفقون معها وتصدر قرارات مجلس الأمن بخصوصها وتصدر قرارات مجلس السلم والأمن الأفريقي بخصوصها وهكذا، وهي موجودة، لها وجود في باريس ولها وجود في كل مكان، فهم ليسوا معاملين كإرهابيين، بل معاملين كناس معترف بأن عندهم قضية، فالنظام اعتقد أنه كيداً سار في هذا الخط.
المدهش أن هؤلاء مهما صنفوا لا يصنفون بقدر الإدانات الموجهة ضد النظام، فبموجب القرار 1593 الأممي النظام معتبر أنه:
1. ارتكب جرائم حرب.
2. ارتكب جرائم ضد الإنسانية.
3. ارتكب جريمة الإبادة الجماعية.
يعني إنسان مركبة فيه كل هذه المصائب فؤوس وحراب وسهام وشاعر بأنه يستطيع أن يتكلم ويصنف الآخرين، بل الناس الذين يستخدمهم أنفسهم في إجراءاته الأمنية كثير منهم أيضا مرتكبين جرائم من هذا النوع، أي: إذَا أنت لَمْ تَسْتَحِ فَافعل ما شئتْ.
ولا شك الآن أن هذه بلاغات إنسان ذنوبه أكبر بكثير جداً من أي ذنب يمكن أن يلحق بالحركات المعنية، وهي ذنوب تعترف بها الأسرة الدولية لأن القرار 1593 الذي أحال هؤلاء للمحكمة الجنائية الدولية تؤيده 140 دولة مؤيدة نظام روما والمحكمة الجنائية الدولية فهم مكبلون بهذا كله ومثلما يقال: “القاعد في بيت قزاز ما يطقع الناس بالحجارة”.
النقطة السادسةً: العلاقة بحركة الأخوان المسلمين: لأن هناك نوع من الشبهات. نحن تحالفنا مع الحركة الاخوانية في مرحلة ما حول الإسلام واتفقنا على ما أسميناها (جماعة الفكر والثقافة الإسلامية) أن نعمل على تطبيق الإسلام ولكن لا بد أن هذا التطبيق:
1. يراعي حقوق المواطنة للآخرين، لا يحرم الآخرين من حقوق المواطنة لأنه لا يوجد إنسان يقبل يكون جزء من بلد يصير فيها مواطناً من الدرجة الثانية .
2. أنه أياً كانت التطبيقات الإسلامية لا بد أن تكون بوسائل ديمقراطية.
خرقوا هذا الكلام ولأنهم خرقوه في الواقع اختلفوا معنا. خرقوه وأيدوا قوانين سبتمبر التي جاء بها نميري وخرقوه عملوا هذا الانقلاب، و لذلك هذا أصبح الفراق، هذا فيما يتعلق بهم.
فيما يتعلق بالحركة الاخوانية في مصر نحن طبعاً كنا مشغولين جداً بما يحصل في مصر، وكان جاءني السيد حسب الله كفراوي قال لي يا أخي نحن في مصر هنا عندنا واقع ممكن يحصل اشتباك بين اتجاه إسلامي واتجاه علماني نرجوك تعال مصر أسس حزباً هنا لكي يقدم لنا طرحاً يجنبنا هذه المواجهة المرتقبة. هذا قاله لي في سنة 1998م. على كل حال طبعاً هناك مشكلة في الطرح الأخواني في مصر. وعندما قامت حكومة السيد محمد مرسي، أنا وزميلي السيد مروان الفاعوري بصفتنا مسؤولي منتدى الوسطية ذهبنا وقابلناه وقلنا له يا أخي ما تسيرون فيه هذا سيعمل فتنة في مصر، وطالبناه: أولاً توقف الإعلان الدستوري وتنفذ السياسة التي تجمع بين المصريين لأنك انتخبك في البداية 5 مليون إخواني، لكن غير الأخوان الـ8 مليون هم من انتخبوك فلا بد أن يكون نهجك أوسع من الحزبية الأخوانية. كذلك طرحنا له إجراءات وقلنا له إذا وافقت على هذه الإجراءات فإن لدينا اتصال مع جبهة الانقاذ في ذلك الوقت التي يقودها السيدان البرادعي وعمرو موسي، لكي يستطيعوا الاتفاق على مخرج لمصر لأننا لا نريد لمصر أن تدخل في فتنة. السيد محمد مرسي قال لنا كلامكم هذا سوف أدرسه، ولكن عندما مشينا المقطم الحزب قال لنا لا .. الرئيس لن يوافق، ومعناها نحن لن نوافق. وهذا من الأمور التي عبأت المصريين لأنهم شعروا بأن من يحكمهم ليس من انتخبوه، هذا اتى بالمشكلة كلها وحصل في مصر ما حصل. نحن حاولنا نتجنب ذلك ليس لمصلحة الإخوان ولكن لمصلحة مصر، حدث ما حدث، وبعده اتجه الأخوان إلى اتجاهين في مصر: بعضهم قال نحن لازم نأخذ القصاص لما حدث في ميدان رابعة، ولازم نستبيح القتل ونستبيح كذا وكذا….، وآخرون قالوا لا نحن نعفو ونعتبر هذا الموضوع أخطاء ونتجاوزه، هؤلاء خرجوا بهذا الكلام وهذا كان كلام السيد منير إبراهيم وهو نائب القائد، المرشد الإخواني، فكتبتُ خطاباً مفتوحاً للسيد الرئيس السيسي: يا أخي استعمل صلاحيتك لكي تعفو عن إعدام هؤلاء الناس ونحن سنتصل بهم ليعملوا مراجعات للحركة الإخوانية؛ الحركة الأخوانية عملت مراجعات في تركيا وعملت مراجعات في المغرب وعملت مراجعات في تونس، ونحن نرى أنهم لازم يعملوا مراجعات لكي يصيروا مقبولين في الجسم السياسي كي نتجنب الفتنة في مصر. بعض الناس رأوا أن هذا غير مقبول، وعلى أية حال هذا الذي جعلنا مهتمين وما زلنا، إنني أعتقد أننا لا بد من أن نتجنب الفتن القائمة على ذلك، لأن الحركة الأخوانية أصلها منشطرة بين اتجاهين: اتجاه (الهضيبية) حسن الهضيبي الذي كتب كتاباً لتجربة مراجعات عملها فيه بعنوان “دعاة لا قضاة” وهناك التيار الآخر تيار سيد قطب الذي يكفر المجتمع ويتخذ موقفاً تكفيرياً. ولذلك هناك ضرورة لأن يتفاهم الناس على ذلك. على كل حال هذا هو الموقف: نحن مهتمين بما يحصل في مصر ولازم نهتم لإيجاد مخرج منه. ونتحرك بما يحقق عدالة مع أننا من ضحايا حركة أخوانية في السودان (وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰۖ)[1].
النقطة السابعة: دعوتنا لإنهاء الحروب في المنطقة:
نحن نطرح الآن ونعمل لضرورة إنهاء الفتنة السنية الشيعية، وضرورة إنهاء الحروب في المنطقة، لأن من يستفيد من الحروب في المنطقة هو العدو، وهذا موضوع كبير وعريض ولكن على أي حال هذه وظيفتنا. لماذا هي وظيفة السودان؟ السودان وظيفته هكذا لأنه مركب تركيبة ثنائية. السودان ذاته مركب تركيبة ثنائية بين شمال الصحراء وجنوب الصحراء، بين عناصر عربية والعناصر الأفريقانية، بين أهل النهر وأهل الظهر. فالسودان لديه تركيبة كهذه ولذلك يجب أن يكون دوره في القضايا المختلفة ليس المحورية، بل دوره يجب أن يكون الوفاقية، لذلك السودان استطاع أن يلعب دوراً في الصلح ما بين الرئيس جمال عبد الناصر والملك فيصل رحمهما الله، لذلك السودان استطاع أن يلعب دوراً أيضاً في الصلح بين الفلسطينيين والأردنيين، ولذلك استطعنا أن نلعب دوراً في الحرب العراقية الإيرانية، الخط الذي طرحناه في الأول لم يقبل ولكن في النهاية تأسس عليه الصلح الذي تم ما بين العراق وإيران.
السودان يندر ما يدخل في إنحيازات لأنه مثل ما أقول تركيبته مركبة، ولأنها مركبة محتاجة لأنه يتخذ دوراً ليس بالاستقطابي وليس بالمحوري، على كل حال هذا سنسعى فيه إن شاء الله.
النقطة الثامنة: ماذا سنفعل بالفرصة؟
ما حصل في مطار القاهرة أزمة، ولأنها أزمة يمكن أن نحولها لفرصة، ونحن الآن نحولها لفرصة لتكون مثلما قلنا إنها وضعتنا في ربوة، منها انطلقنا فعلاً لهجمة فكرية، وهجمة سياسية، وهجمة إعلامية، وهجمة دبلوماسية، وهي مؤكد فرصة لم تكن لتتاح لولا حدوث هذه الحكاية لأنها عملت لنا (News worthy) أي قيمة خبرية، ومن لديه قيمة خبرية لديه فرصة أن يستفيد من هذه الخبرية.
وبسبب الخط التصالحي الذي نسير فإننا كنا وما زلنا مهتمين جداً بالصلح الذي حصل بين أثيوبيا وإريتريا. وكنتُ في سنة 1998م قدت وفداً شعبياً، وذهبنا وقابلنا المرحوم مليس زيناوي والأخ أسياس أفورقي، لكي نقول لهم تصالحوا ولا تتحاربوا، فهذا سيأتي بضرر للطرفين وأنتم تكملون بعضكم، إريتريا موانئ طبيعية لأثيوبيا، والاريتريين لديهم مواقع مهمة جداً في أثيوبيا لذلك لا يوجد داعي لهذه الحرب. في ذلك الوقت لم يسمعوا كلامنا. الآن مؤكد أن آبي أحمد اتخذ خطاً مدركاً وواعياً وتجاوب معه أسياس، ولذلك يا ليت كل المنطقة تتجاوب مع هذا النهج: المنطقة العربية، والمنطقة الإفريقية لأن هذه الحروب لا مستقبل لها سوى تدمير الأطراف المعنية.
النقطة التاسعة: ماذا نريد من الأسرة الدولية؟
نقول للأمريكان والأوربيين، وسنتصل بالصينيين والروس وكل هؤلاء، نقول لهم الآتي: في السودان نحن لا نريد منكم أن تقوموا لنا بشغلنا لا.. لكن نريد منكم الآتي:
أولاً: ألا تتكلم الأسرة الدولية بلغات مختلفة بل تتكلم بلغة واحدة مشتركة، تقولوا إنكم تدعمون في السودان السلام العادل الشامل، والتحول الديمقراطي وحقوق الانسان، نحن نأمل أن تفعلوا ذلك، ولكن حتى تصلوا له اعقدوا مؤتمراً، ليس مؤتمراً دولياً لمجلس الأمن ولكن مؤتمر بينكم لكي تلتزموا فيه بأن يكون لديكم خط يدعم الشعب السوداني في مطالبه المشروعة.
ثانياً: ينبغي أن تدركوا أن الوضع في السودان فيه مجال كبير لتحقيق هذه الأهداف، ولا يمكن أن يحصل في السودان أي عمل يساعد على وقف الهجرة أو يؤدي لمكافحة الإرهاب بدون أن يكون هناك خط لإيقاف مصادر الإرهاب ومصادر الهجرة، وبدون ذلك فمهما أقمتم من حواجز وعملتم من معسكرات لن توقف المستعد أن يمخر البحر ولو مات، سيقتحم هذه المحلات كلها، ولا بديل لأن تنظروا لهذا الموضوع في إزالة الأسباب، المرض وليس العرض.
ثالثاً: النظام السوداني ملاحق جنائياً والآن أنتم تتعاملون مع قيادة النظام السوداني بطرق غير مبدئية، لا يوجد حل غير واحد من اثنين، إما يمشي البشير كما عمل اوهورو كينياتا للاهاي ويبرئ نفسه في المحكمة، أو عبر المادة 16 من نظام روما يكون هناك اتفاق للقوى السياسية السودانية، ضحايا هذه الجرائم، يتفقوا على حل سياسي يتبناه مجلس الأمن وهذا ممكن، فإما الحل القانوني أو الحل السياسي، الحل السياسي يمر عبر التراضي السوداني ولا يمكن أن يكون فوق رأس السودانيين وهذا قد تكلمنا فيه مع ناس مسؤولين في الأمم المتحدة وقالوا هذا الكلام، المهم ابحثوا هذا الموضوع ولكن لا يمكن وفي الغرفة فيل، أن تتعاملوا كأن الفيل غير موجود. المحكمة الجنائية فيل في الغرفة، لا يمكن أن تتعاملوا كأن الفيل غير موجود، هو موجود وأي تجاهل لوجوده أو تحاشي النظر إليه غير ممكن، والحل إما القضائي أو السياسي. ونظام روما فيه مجال للحل السياسي ولكن هذا يمر عبر الإرادة الوطنية السودانية ولا يمكن أن يكون بغير ذلك. والمهم لا بد أن تتخذوا موقفاً مبدئياً، مسألة اتخاذ مواقف مثلاً إرسال وفد يزور السودان ويلتقي الجميع ولكن لا يلتقي المسئولين الكبار مثل البشير ولا يدعوه ليزور أي بلد من البلدان، السودان معاقب، طالما يوجد هذا الموقف لن يقوموا في نظام نادي باريس بعفو الدين لنا، وهكذا. لا توجد أية طريقة إلا التخلص من هذا الفيل إما بحل قضائي حقاني أو سياسي، ولذلك ابحثوا هذا الموضوع واتخذوا قراراً مبدئياً لا قرارات ذرائعية، اتخذوا مواقف مبدئية.
النقطة العاشرة والأخيرة: عودتي للسودان
طبعا نحن لدينا الآن برنامج يتطلب زيارة مناطق كثيرة عربية وأفريقية وإسلامية وأوربية ..إلخ. لدينا برنامج الآن سائرين فيه ونوظفه لمثل هذه اللقاءات التعبوية، كذلك للاتصالات بالحكومات والبرلمانات، وللطرح الفكري والإعلامي، لأننا نعتقد أن هذه فرصة كبيرة جداً جاءتنا من الأزمة؛ فالأزمة نترجمها لفرصة:
اشتَدَّي أزمَةُ تَنفَرِجي
الأزّمَة ُمِـفـْتـَاحُ الفـرَج
وسوف تكون العودة للوطن إن شاء الله بعد الفراغ من هذه المهام.
والسلام عليكم.
ملحوظة: القيت الندوة شفاهة وقام المكتب الخاص للإمام الصادق المهدي بتفريغها من تسجيل بالفيديو.
[1] سورة المائدة الآية (8)
بسم الله الرحمن الرحيم
حزب الامة القومي
ندوة سياسية مشتركة بين لندن وأم درمان
المشهد السوداني
بين موجات الحراك الشعبي وآفاق الخلاص الوطني
السبت الموافق 21 يوليو 2018م- لندن
الإمام الصادق المهدي
بسم الله الرحمن الرحيم
أخواني وأخواتي، أبنائي وبناتي
السلام عليكم ورحمة الله،
ويطيب لي أن ألتقيكم هنا. في الماضي كانوا يصنفون هذه البلاد دار حرب، ولكني قلتُ إن دار الحرب هي التي تُكتم فيها الحريات وكرامة الإنسان، ولكن البلاد التي تتوافر فيها كرامة الإنسان والحرية هي دار السلام، ولا شك أنكم وكثيرٌ منكم لجأ لهذه البلاد ووجد فيها ترحيباً ومتسعاً، ولكن رغم ذلك لا شك أيضاً أنكم تحنون للوطن وتريدون أن تستمعوا لشؤونه لأن:
المرء قد ينسى المسيء المفترى والمحسنا
و مرارة الفقر المذلّ بلى ولذّات الغنى
لكنّه مهما سلا هيهات يسلو الموطنا
سأحدثكم حول الشأن السوداني في هذه المرحلة عبر عشر نقاط:
الأولى: مصير السودان المظلم إذا استمر النظام الحالي.
الثانية: ما سوف نفعل لخلاص الوطن من هذا المصير؟
الثالثة: ما هي آخر مداولات النظام الحالي معنا؟
الرابعة: ما هي آخر محطاتنا مع الحكم في مصر؟
الخامسة: حقيقة نداء السودان ما هو كتنظيم وما فيه من فصائل؟
السادسة: ما هي علاقتنا بحركة الأخوان المسلمين؟ لأن كثيراً من الشبهات تدور حول هذا الموضوع.
السابعة: دعوتنا لإنهاء الحروب في المنطقة كلها عربية وأفريقية.
الثامنة: الفرصة التي أتاحها لنا الإجراء الذي حدث لنا في القاهرة، لأن مع كل أزمة فرصة فما الذي سنفعل بهذه الفرصة؟
التاسعة: في طوافنا الحالي نلتقي ممثلين للأسرة الدولية، لحكومات وبرلمانات، ماذا نريد منهم؟
النقطة العاشرة والأخيرة: متى عودتي للسودان؟
النقطة الأولى: جدوى استمرار النظام:
هذا الموضوع يتعلق بسؤال مهم: ما هي جدوى وقابلية النظام أن يستمر؟ هذا النظام محاصر من عدة جبهات.
أولاً: الحصار الفكري كل نظام لكي يستمر يحتاج جدوى من رؤية حول كيانه الفكري، نظام سياسي يوفر الحوكمة الراشدة، نظام اقتصادي يوفر للناس المعيشة، نظام أمني يكفل للناس أمنهم، وعلاقات دولية مجدية.. هذه ما لم تتوافر للنظام لا جدوى لاستمراره بل قطعاً لا يستمر.
النظام السوداني رفع شعاراً إسلامياً وأفرغه من محتواه، النظام الإسلامي لا بد أن يوفر للناس الكرامة، والحرية، والعدالة والمساواة، والسلام. ما لم تتوافر لنظام هذه الأمور لا يستطيع أن يدعي جدوى إسلامياً.
هنالك مبادئ إنسانية وإسلامية خرقها هذه النظام، والآن هذا النظام نظام أمنجي متخندق وتحرسه مليشيات على حساب مؤسسات الدولة النظامية.
إذن الذي ينبغي أن نذكره فيما يتعلق بالمحتوى الفكري لهذا النظام الآن هو خاوٍ، لا يوجد محتوى فكري للنظام الحالي، بل صار خاوياً. أحصينا كل المفكرين الذين كانوا يؤيدون هذا النظام ويعرفون ألف باء تاء ثاء فكرية، كلهم خرجوا من النظام، أحصينا حوالي مائة، أمثال: عبد الوهاب الأفندي، مبارك الكودة، عثمان ميرغني، التجاني عبد القادر، حسن مكي، الطيب زين العابدين، المحبوب عبد السلام، والقائمة تطول. كل إنسان يعرف ثلث الثلاثة فكرياً خرج، وصار وهو خارج يقذف هذه التجربة بالحمم لما فيها من عيوب. وأنا الآن أتكلم معهم مباشرة، وأقول عبركم لهم: إني أرجو أن يجتمعوا وألا يكون الكلام موقفاً فردياً، ويشجبوا هذه التجربة الظالمة، ويتفقوا على مراجعة نهجهم كله حتى يكتبوا لأنفسهم مع شعبهم مصداقية للمستقبل. هذا صار ضروياً للغاية. هذا عدد كبير ومهم وكثير منهم مخلصين جداً، ولكن لا بد أن يجتمعوا ويراجعوا هذه التجربة ويعترفوا بما فيها من أخطاء لكي يكتسبوا مصداقية في نظر الشعب السوداني. لأننا الآن ينبغي عندما ننظر لهذه التجربة كلها أن نتطلع نحن جميعاً أهل السودان لنظام جديد، ومن يريد أن يركب في هذه القافلة ينبغي أن يقوم بتخلية من الروابط مع التجربة الفاشلة.
إذن النظام الحالي صار خاوياً من الناحية الفكرية، بل صار معتمداً فقط على خندقة أمنية، يحرسها أشخاص لا صلة لهم بها، سوى المنفعة المادية.
فميا يتعلق بنظام سياسي راشد، وهذا هو المقياس، النظام مؤسس الآن على التمكين النافي للآخر، المحتكر للسلطة والثروة، وصاروا هم الآن كنظام يعتمد على فرد ملاحق قانونياً جنائياً ومن الفشل أن النظام لا يستطيع أن ينظر أبعد من الاستمرار في نفس الموقف، مع أنه موقف يكلف البلاد عقوبات كثيرة جداً: السودان مصنف من بين عشر دول فاشلة، والسودان مصنف من بين ست دول فاسدة، ولذلك حصيلة ثلاث عقود من الذنب هي هذا المعنى الآن: الفشل والفساد.
ثانياً: الحصار الاقتصادي: ولا جدوى لنظام فاشل في توفير أسباب المعيشة للناس والخدمات الاجتماعية. فترة النفط الجنوبي، من 2000 إلى 2011م، وفرت تغطية مادية، ولكن بعد الانفصال تقررت إجراءات كلها فاشلة: خفض المصروفات، زيادة الإنتاج، زيادة الاستثمارات.
لو أخذنا الميزانية الأخيرة، ميزانية 2018م، الإنفاق 173 مليار جنيهاً، بزيادة 88% من إنفاق السنة الماضية، بدلاً عن أن يكون هناك خفض في المصاريف هنالك زيادة. الإيرادات نتيجة لها يوجد عجز 55 مليار جنيهاً، العجز المستمر هذا يغطى باقتراض من النظام المصرفي حتى أفلسوه، النظام المصرفي في السودان الآن مفلس، لأن الأموال أخذتها الدولة، وحتى الناس الذين لهم أموال مرصودة لا يستطيعون صرفها، لأنه حتى إذا لم تكن قد أُخذت عملوا حجر على المال حتى لا تكون هناك قوة شرائية لكيلا يشتروا بها الدولارات. المصارف السودانية صارت مفلسة وبعد مدة قليلة ستعلن هذا الإفلاس. التضخم 60% وهذا المعلن، هذا فيما يتعلق بإدارة المال داخلياً.
فيما يتعلق بالعجز الخارجي 6 مليار دولار سنوياً، فالحكومة لكي تجري واردات معينة لا بد أن تتوافر لديها عملة صعبة. وهي تشتري العملة الصعبة من السوق الأسود وهذا هو الذي أدى إلى رتفاع جنوني في سعر الدولار.
ولمنع القطاع الخاص من شراء الدولارات لاحتياجاته، لأن تاجر القطاع الخاص يحتاج أموال عملة صعبة لكي يستورد، ولكي يأتي بمدخلات للإنتاج، وليس لديهم إمكانية لهذا، وهذا يؤثر سلباً على الإنتاج.
الحكومة أيضاً تطبع النقود لتشتري الذهب، فالذهب في الغالب ينتج بطريقة فردية، ولكن لأن الحكومة تشتريه بأسعار العملة السودانية، فإن 80% من الذهب يهرب، لأنه حيث يهربونه يشتريه المشترون بالعملة الصعبة.
نتيجة هذه الإدارة المالية العابثة فإن الدولار يقفز بالزانة، لا مجرد قفزة عالية بل بالزانة، في نهاية العام الماضي كان 18 ألف، وليس 18 جنيه كما يقولون بل 18 ألف جنيهاً لأن هناك ثلاث أصفار شطبوها، وهو الآن خمسين يعني خمسين ألف، وهذا يعني عندما نشوف قيمة الدولار في نهاية العهد الديمقراطي والآن زادت قيمته 375000% بالنسبة لسعره في النظام الديمقراطي، طبعاً الأسعار بالدولار طارت، الذي يشتري الآن رغيفة عيش واحدة كان يشتري حوالي 4000 رغيفة عيش زمان، وهذا ينسحب على كل السلع. وطبعاً النظام ألغى دولة الرعاية الاجتماعية التعليم كان مجانياً، الصحة كانت مجانية، تقدير أحد خبرائنا السودانيين الاخ الدكتور إبراهيم البدوي أن الفقر الآن في السودان في المدن 80% في الأرياف 90%، البطالة 45% عامة، ولكن بين الخريجين 90%، لدينا ما يزيد عن مليون ونصف خريج وخريجة عاطلين، وطبعاً هذا كله أدى ويؤدي إلى الهجرات الخارجية .
النتيجة لهذا كله النظام محاصر مالياً، هذا حصار مالي، وليس ضروري جهة سياسية قائمة بهذا الحصار، هذا حصار اقتصادي مالي. هذه الأرقام تشكل حوائط وأسوار المجالات التي فيها النظام محاصر ماليا واقتصادياً.
ثالثاً: الحصار الأمني:
قررت الحكومة اتفاقية سلام ناقصة وفي نهاية اتفاقية السلام تنتهي إلى أن يمنحوا الناس وزارات ويمنحوهم مرتبات، ولكن في النهاية قوى المقاومة المسلحة موجودة في مناطق مختلفة داخل السودان وخارج السودان. ومعلوم أن مؤسسة راند الأمريكية عملت دراسة لـ 684 من الحركات المسيسة ومسلحة من عام 1983 إلى 2008م، النتيجة: لا توجد أي حركة مسلحة ولو بها عشرة أشخاص تنتهي إلا بموجب اتفاق سياسي، ما لم يوجد اتفاق سياسي ستظل مشكلة التحدي المسلح قائمة.
نتيجة للاستعداد لمواجهة هؤلاء جميعاً، ونتيجة لأن النظام يتعامل مع الشعب السوداني باعتباره محتلاً داخلياً، فالحكومة تصرف للاستقطاب السياسي والإداري والأمني 70% من ميزانية الدولة، وهذا سوف يستمر كذلك نتيجة لهذا الموقف الأمني، إن الصرف الذي يبذله النظام هو من أجل المحافظة على النظام كمحتل داخلي، وكمستعد لمواجهة التحديات المسلحة، النظام محاصر أمنياً ويشعر بالخطر على نفسه مهما تبجح وقال، نتيجة لهذا رئيس النظام عندما ذهب لموسكو وقابل الرئيس بوتين استجداه: أنا في خطر تعال واحمني مثلما حميت بشار، هذا الكلام واضح جداً ويبدو أنه لم يكن يدري أن هذا الموضوع مذاع على الهواء لكن الروس أذاعوه وظهرت هذه الحالة. إذن النظام محاصر: أجوف فكرياً وسياسياً، محاصر اقتصاديا، ومحاصر أمنياً.
رابعاً: علاقات النظام الخارجية: فيما يتعلق بالعلاقات الإقليمية النظام اتخذ نهج المناورات، ناور في موضوع السد، يقول للمصريون كلام ويقول للأثيوبيين كلام “يدي الحلة وصاه ويدي النقارة عصاه” يمشي بالمنطق غير المبدئي مع أنه جزء من المحور التركي القطري ويدعم التحالف العربي، ولهذا السبب يثير الشكوك في المحورين ويصنفونه غير صادق ولذلك لا يمدون له يد العون، لذلك هو يغرق ويستغيث ولكن لا مغيث. وآخر المناورات الدور في سلام الجنوب: فاقد الشيء لا يعطيه، أنت عندك ظروفك الحربية والسياسية وغيرها ولا يمكن فاشل وتحمل قلمك لتصحح، لا يصحح، والجنوب، جوبا تتهم النظام السوداني بأنه متآمر مع الطرف الآخر، لا يمكن للنظام السودني أن يقوم بدور وفاقي ومنهجه الداخلي عكس ذلك، فاقد الشيء لا يعطيه.
وآخر المناوارت الزيارة الأخيرة بين النظام السوداني و المصري، لا يزيد هذا المشهد على أنه علاقات عامة، كل المشاكل متروكة معلقة كما هي ولا مشكلة واحدة وو جهت ولا ذكرت حتى، مسألة علاقات عامة ونقدر نقول سياحة سياسية لا يوجد أي محتوى لهذا الموضوع.
والمهم المانع من أن يكون هناك علاقة بين النظاميين واضح جداً:
1. النظام السوداني حاضنته إخوانية، وفي مصر الأخوان مصنفين إرهابيين.
2. النظام السوداني جزء من المحور التركي القطري، والنظام المصري جزء من المحور السعودي الإماراتي.. الخ، المسالة واضحة تماماً أن هناك انتماءات مختلفة ومعادية ولذلك لا يوجد أي مجال لعلاقات مبدئية.
الواضح أن النظام ونحن نرى الآن حركة السفريات من هنا وهناك، سفريات فراشة تتنقل لا توجد أية مبدئية تضبط هذه التنقلات.
في المجالات الخمس هذه: الفكر، والسياسية، والاقتصاد، والأمن، والعلاقات الخارجية؛ النظام محاصر في كل تلك المجالات ويسارع الخطى نحو الهاوية، بل ربما انفجر من الداخل لأن النظام الآن فيه مراكز قوى مختلفة، وهذه المراكز كلها تفكر بصورة ما في المستقبل وضرورة أن يسيطروا عليه، وهذا يعني أن الموضوع في السودان في خطر، فهذه المؤشرات كلها لا غلاط عليها كثير من الناس داخل النظام يقولون هذا الكلام وما عاد هناك خلاف بأن هذا تشخيص للحالة السياسية والاقتصادية والأمنية.
الموضع الثاني: ماذا نفعل للخلاص الوطني من هذا المصير المظلم؟
نحن بيننا وبين النظام خريطة اسمها خريطة الطريق، فيها أجندة لكي نبحث حكم انتقالي، ونبحث السلام، ونبحث الدستور، إلى آخر هذه الأشياء المضمنة في أجندة خريطة الطريق. هذه الخريطة برعاية أفريقية بقيادة السيد ثامبو أمبيكي، وسوف أطلب من مكتبنا هنا إن شاء الله أن يوزع نسخ من هذه الخريطة لكي يعرف الناس ماهية خريطة الطريق. نحن في نداء السودان ملتزمون بتنفيذ هذه الخريطة ولو تابعتم ففي يوم الجمعة قبل الماضية بتاريخ 13 يوليو قرر مجلس الأمن قراره رقم (2429) الذي فيه حث مجلس الأمن الأطراف السودانية تنفيذ خريطة الطريق ولوح بتهديد، الناس الذين لا ينفذونها لهم وعيد.
نحن كتبنا للسيد ثامبو أميكي لنقابله، لنتفق على تنفيذ هذه الخريطة، باعتبار أن هذه إحدى وسائل التعامل مع هذا الموقف: إيجاد مخرج للسودان. هناك كثير من الناس يقولون لا فائدة، بل الفائدة دائماً أن هذا يبقى الشيء الموقع عليه، وهو الشيء الذي تدعمه الأسرة الدولية، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى شيء مثل كوديسا جنوب أفريقيا التي حصلت في عام 1992م وأدت إلى الانتقال من الحرب إلى السلام ومن الدكتاتورية إلى الديمقراطية.
ولكن هنالك مشروع موازي، وهو الحوار الوطني عبر نداء السودان، نعمل لكي نوحد الصف الوطني كله وليس نداء السودان وحده، بل نداء السودان وكل القوى التي تنادي بنظام جديد، نجتهد أن نوحد الكلمة مع هؤلاء جميعاً، وذلك لكي نتفق على أن نكتب مذكرة يوقع عليها الناس بالملايين تقول بوضوح تام: فشلتم وشوهتم الإسلام ومزقتم السودان، سلموا السلطة للشعب وسوف تساءلون أو تحاسبون بالعدل لا بالانتقام. هذا يكون محتوى مذكرة يوقع عليها الناس كلهم بالملاييين، وليس بالضروة الأحزاب السياسية فقط بل كل الناس يوقعوا على هذه المذكرة لكي يثبت خط الشعب بهذه المذكرة.
إلى جانب هذا نحن حضرنا الآن ميثاق؛ “ميثاق بناء الوطن” كيف يكون بناء الوطن في المستقبل ليحقق السلام العادل الشامل والتحول الديمقراطي والنظام اللا مركزي إلى آخر هذا الأشياء، هذا يضمن في ميثاق، الميثاق يرفق معه ما حضرنا الآن وأسميناها “السياسات البديلة” في التعليم في الصحة في الزراعة في الصناعة .. إلخ. يجمع هذا في كتيب يسمى “دليل بناء الوطن” هذا يكون متفق عليه حتى نكون نحن وزملاؤنا كلهم متفقين على خريطة بناء الوطن في المستقبل.
فإن وحدنا الكلمة وعملنا المذكرة لا بد من حراك، والفكرة هذا الحراك يكون اعتصامات لا تكون في العاصمة فقط، بل تكون بالمئات في العاصمة في والأقاليم وفي الأحياء وخارج السودان، كل هذه الاعتصامات ترفع لافتة بهذه العبارة: فشلتم سلموا السلطة للشعب، وهذا يبقى الخط الشعبي التعبوي الذي نمشي فيه، افتكر أن هذا مهم جداً. المحتشدون يرفعوا هذه الشعارات في كل مكان: أنكم مزقتم البلاد شوهتم الإسلام جوعتوا الشعب سلموا السلطة للشعب وسوف نعاملكم بالعدالة لا بالانتقام. ونداء السودان سوف يحدد المسؤولية عن هذا التحرك، ويحدد التوقعات المنتظرة والتوقيتات اللازمة للمراحل المختلفة لهذا الموضوع، هذا إذن ما نفعله لخلاص البلاد من هذه المحنة.
النقطة الثالثة: موقفنا من النظام:
أثناء رمضان، وفي 13 يونيو من هذه السنة انتدب النظام لمقابلتنا في القاهرة وفداً برئاسة الفريق الهادي عبد الله وعضوية الشريف أحمد عمر بدر، واللواء عبد الله علي الصافي والأخ عبد السخي عباس لمقابلة وفد من حزب الأمة مكون من خمسة أشخاص، وهم الذين بدأوا بالمبادرة واتفقوا معنا على كلام واضح وهو تحقيق ما نسميه مناخ مناسب، اتفاق تنفيذ خريطة الطريق الموقع عليها من كل الأطراف، وتهيئة المناخ المطلوب. هذا ما حصل في 13/6 ولكن بعده مباشرة جاء وفد برئاسة نائب الرئيس المسؤول عن المؤتمر الوطني، وفتح معنا كلاماً واتفق معنا وكل ذلك بمبادرة منهم واتفاق، ومع أننا نتكلم باسم حزب الأمة ولكن أيضاً باسم نداء السودان، والاتفاق هو أن تتوافر ونتفق على ونوقع على ظروف معينة للحريات والعفو إلى آخر هذه الأشياء، واتفاق على تنفيذ خريطة الطريق، طبعاً بالإضافة لذلك كان هناك قرار مجلس الأمن الذي كان يوم 13 يوليو قرار (2429) وهو يطابق ما اتفقنا عليه.
يصير الآن الجماعة الذين وقعوا معنا هذا الكلام هل هم ناس جادين؟ إذن عليهم أن يقولوا والله نحن اتفقنا وسننفذ هذا الكلام لأنهم الذين بدءوا بالمبادرة وهم الذين جاءوا وهم الذي أصروا أن يوقعوا على هذا كلام، ونحن كنا نعتقد أنه كلام تهوية ولكن أبداً هم قالوا ممكن يكون اتفاق، اتفاق متعلق بسياسية نداء السودان في تفعيل الخريطة. فالآن هم أمام أنهم يقولوا نحن التزمنا وسننفذ، أو يكون عهداً منقوضاً لا معنى له، ولكن هم الذين عملوا المبادرة وهم الذين اتصلوا وهم الذين وقعوا هذه الوثائق.
النقطة الرابعة: منع السلطات دخولنا القاهرة: السلطات المصرية لها أسبابها وأنا لن أتكلم عنها لكني أعرفها، لديها أسبابها في منعنا من دخول القاهرة، ومثلما أقول أني لا أريد أن أسهب في الكلام فيها، ولكن أود أن أقول الآتي: الإجراء الذي اتخذوه هذا منحنا منافع لا يمكن أن نجدها ولو بثمن لماذا؟ لأنها كشفت أن الكتاب المصريين والمفكرين المصريين والإعلاميين المصريين كتبوا تقريباً بالإجماع يدينون هذا الذي الحدث، وعموماً اعتبروا الذي حدث خطيئة تبارت الأقلام في إدانتها، هذه أقلام مصرية، وأيضاً في القاهرة نفسها قبل أن نسافر وحيث ما حللنا وحيث ما نلتقي مصرياً يقول لي: يا فلان نحن آسفين، أي شخص مصري التقيته في هذه الفترة وفيهم من يقول إنه مستشار، أو مسئول مصري بقولون: نحن متأسفين لهذا الذي حصل، وأنا افتكر أنه هذه أكبر جائزة وأكبر هدية لنا لأنها عملت استفتاء للمفكرين والمثقفين والشعب المصري بمشاعرهم نحونا، وهذه ما كان يمكن أن نعرفها لولا هذه الخطوة. وما التقيت مواطناً مصرياً إلا يقول هذه العبارة: نحن متأسفين على الذي حصل في المطار. وهذا المعنى وهذه المشاعر ما كان يمكن أن نعرفها لولا هذه الإجراءات التي تمت في القاهرة. هذا الموقف القوي الأخوي أكبر عزاء لنا وما كنا سنعرفه لولا هذا الإجراء:
دَعْوَى الإِخَاءِ على الرَّخَاءِ كَثِيرَةٌ بل في الشَّدَائدِ يُعْرَفُ الإِخْوَانُ
بس مش الأخوان المسلمين!
لتكن للحكام في مصر أخبارهم وأسبابهم، ولكن كذلك في السودان أغلب المتحدثين، إلا أولئك الذين هم أصلاً “بالعين حراساتهم”، و”بالع حراسته يعني زول بهضرب”، في الماضي كان الأطفال تصنع لهم أشياء تسمى “حراسة” لتحرسهم من الشياطين، فهناك أطفال يبلعون الحراسة هذه فيستقطبون الشياطين، وتحدث لهم “دودوة شديدة”. فهناك ناس “بالعين حراساتهم”، ولكن أغلبية الكتاب أيضاً في السودان أدانوا هذا الإجراء، ولذلك هذا بالنسبة لنا استفتاء مهم: الانحياز الشعبي المصري السوداني. وأعتقد هذه مسالة ما كان ممكناً لو أنفقنا ما انفقنا أن نعرف هذه المشاعر الأخوية الصادقة الواضحة. ولولا هذا الإجراء ما عرفنا هذا لذلك أنا قلت “المزايا في طي البلايا”. وبعض الناس حينما قلت العبارة التي ذكرتها بداية وقد كانت “الغنم بالغرم” ومعناها أن الفائدة التي تحققها بالضرر الذي يصيبك، ولكن البعض ظن هذا الكلام غير عربي، على أي حال بالعربي ” المزايا في طي البلايا”.
استمرت علاقاتنا جيدة بمصر مع المجتمع الفكري هذه مسالة مهمة، كثير من الناس كانوا عندما يزرون مصر محصور همهم إما علاقة مع الأمن أو تسوق أو سياحة أو تعليم أو صحة أو الحاجات التي لا نتكلم عنها والتي يقول فيها هؤلاء “كايرو تلقى فيها الدايرو”. نحن فتحنا مجال آخر في العلاقة مع مصر وهو الانفتاح على المجتمع المدني المصري، الفكري المصري، الجامعي المصري، الإعلامي المصري، القوى السياسية، وهكذا، افتكر أننا فتحنا مجالاً كبيراً جداً ووجدنا تجاوباً كبيراً جداً في هذا المجال وظهرت الآن المشاعر في هذه الأوساط المصرية غير التقليدية. في الماضي كان السودانيون الذين يذهبون هناك لديهم قضيب معين يمشون فيه، نحن مشينا في خط ليس في ذلك القضيب، واعتقد انه نعم الغرس ونعم الحصاد بالنسبة لما حدث.
ونحن في المطار فكرنا، ومعي الحبيبة مريم والحبيب محمد زكي، هم أشروا لهم لكي يدخلوا، وقالوا لي اختار بلداً لتذهب إليها، وفكرنا، طبعاً الفيزات التي عندنا هي فيزات لأوروبا، ولكن فكرنا أنه كانت لدي دعوة لتركيا لمؤتمر منتدى الوسطية في تركيا وتذاكره جاهزة والفيزا جاهزة، ولكن الذهاب لتركيا يبدو كأنه ردة فعل وأننا قفزنا من معسكر لمعسكر، وبالتالي نكون لا نمشي لتركيا فقط ولكن نمشي في إطار ردة الفعل. وعلى كل حال نشأت فكرة أنه نذهب إلى بلد عربي، والمدهش باتصالات لم تكلف أكثر من عشر دقائق صارت هناك استجابة ودعوة بأننا نمشي لدولة الإمارات، العلاقة مع دولة الإمارات عريقة، طرقنا بابها فكانت الاستجابة في لمح البصر تأكيداً لنهج معنا عرفناه مع الحكيم العربي المرحوم الشيخ زايد آل نهيان، فتعاملوا معنا بإخاء غير متلبس باعتبارات سياسية، وعاملونا أحسن معاملة دون أي اسئلة سياسية “تلت التلاثة كم في السياسة ما في زول سألنا” وهذا اعتبرناه تعاملاً أخوياً خارج الإطار السياسي.
الموضوع الخامس: ملابسات تحالفنا في نداء السودان:
نحن قوى سياسية ومدنية مع فصائل مسلحة أقول: وجود الجيش الشعبي والحركة الشعبية – شمال ووجود الفرقة تسعة وعشرة من ملحقات اتفاقية السلام لعام 2005م، وهي معترف بها دولياً. الفرقة تسعة والفرقة عشرة والجيش الشعبي شمال والحركة الشعبية شمال معترف بها كلها في إطار اتفاقية السلام 2005م، وجود حركة تحرير السودان وحركة العدل والمساواة نتيجة لنهج نظام الخرطوم العنصري فلم تكن هناك حركة من هذا النوع قبل 2002م لم تكن هناك ولا بندقية واحدة ضد الحكومة المركزية مسيسية في دارفور قبل 2002م؛ في 2002م نشأت هذه القوى، هذه الفصائل المسلحة تحظى باعتراف أفريقي ودولي والنظام السوداني نفسه يعترف بها وبوجودها ويحاروها في عدة محطات في أديس ابابا وفي أبوجا وفي الدوحة هذه الفصائل السياسية المسلحة كونت في عام 2012م الجبهة السودانية الثورية، وفي يناير 2013م اعتمدوا ميثاق الفجر الجديد، وبموجبه اعتمدوا إسقاط النظام السوداني بالقوة كإحدى أساليبهم ووسائلهم كما اعتمدوا المطالبة بتقرير المصير للمناطق المهمشة. هذه جملة ما كان في هذه الميثاق.
ونحن، كالاتحاد الأفريقي والأسرة الدولية، والنظام السوداني نفسه، نعترف بوجودهم ومعلوم أن لديهم قضايا تتعلق برفع المظالم. يعني هم موجودين في الساحة السياسية والوطنية السودانية أي كلام على أن هؤلاء ما في أو غير موجودين لا أحد يقوله، فلا الأسرة الدولية تقول ذلك، ولا الاتحاد الإفريقي ولا النظام نفسه، يجتمع ويناقش معهم ويدخل في اتفاقات في الدوحة في أبوجا وفي غيرها، والمهم أنهم باعتبار أن لهم قضايا لرفع المظالم، ومعلوم أيضاً أن هناك مظالم موجودة.
ولمصلحة الوطن دخلنا مع الجبهة الثورية في حوار في مراحل، انتهى لاجتماع في باريس في أغسطس 2014م، تكلمنا معهم وفي النهاية وبعد تداول اتفقنا على إعلان باريس الذي ينص على تحقيق النظام الجديد بوسائل خالية من العنف، وبإقامة سودان العدالة والمساواة، بلا حاجة لتقرير المصير. هذا اختراق حقيقي، لأننا نعتقد هذا الاختراق جعل هناك توافق بين قوى مركزية وقوى هوامش، وناس يمثلون أيضاً تظلماً ثقافياً واثنياً واقتصادياً في السودان، مهم جداً جداً أن تصير لدينا هذه النظرة الآن وفي المستقبل لأن هذا التحالف يمكن أن يكون أساساً للوحدة الوطنية، وقبل ذلك كتبت كتاباً إن شاء الله تجدوا نسخاً منه وهو “الهوية السودانية بين التسبيك والتفكيك”، إذا شعر الناس بالعدالة والمساواة يكون هناك تسبيك وإلا يكون التفكيك.
إعلان باريس عندما تم اشتركت فيه ليس فقط القيادات الموجودة حالياً في نداء السودان ولكن الأخ عبد العزيز الحلو وأيضاً الأخ عبد الواحد محمد نور، اشتركا في إعلان باريس هذا، وبعد إعلان باريس التقينا مع قوى سياسية ومدنية سودانية في أديس أبابا واتفقنا على تكوين نداء السودان؛ نداء السودان تطوير لإعلان باريس.
وفي عام 2016م قدم لنا الوسيط الأفريقي خريطة الطريق، وقع عليها النظام السوداني في مارس 2016م ووقعنا عليها نحن مسؤولو نداء السودان في أغسطس 2016م. ولتفعيل عملنا اتفقنا في نداء السودان على هيكلة لنداء السودان وأكدنا أن نداء السودان تنظيم مدني وسائله التي يتبعها وسائل خالية من العنف لتحقيق النظام الجديد المنشود، واتفقنا أن أية تصرفات مسلحة تتطلبها ظروف الفصائل المسلحة لا تمثل نداء السودان. اتفقنا على كل هذا وجعلناه جزءً من دستورنا، ليكون واضحاً. ولكن نظام الخرطوم الذي جعله كيده يتعامل معنا بالترغيب إن أمكن كما فعل معنا في كثير من الأحيان.. النظام السوداني مثلما قال لي أحد أصدقائه باكراً جداً، عام 1992م، قال لي هؤلاء الناس قالوا لقد نزعنا من ناس فلان هذا السلطة ولم ننزع منهم الشرعية فإما أن يؤيدونا أو أن نقضي عليهم، إما صد أو قبض، هذا هو التفكير، لذلك عرضوا علينا على الأقل ثلاث مرات مشاركة بأعلى مستوى للمشاركة، ولكن نحن قلنا لا مشاركة إلا ضمن نظام دستوري يسترد للناس الحقوق والحريات إلخ، المهم رفضنا فإذا الترغيب لم يفلح يصبح الترهيب؛ الترهيب فتحوا علينا ثلاث مرات بلاغات سنة 2014م بلاغ بالمادة (50) مع أنني انتقدت سلوك بعض قواتهم قالوا أني قلت بإسقاط النظام بالقوة ففتحوا علي بلاغاً واعتقلت في مايو 2014م، والآن أيضاً مرة أخرى فتحوا بلاغين الأول تحت القانون الجنائي والآخر تحت قانون الإرهاب، عشرة مواد، كلها لماذا؟ لأن لدي علاقة تحالفية ضمن نداء السودان مع فصائل يبحثون معها ويجتمعون معها ويناقشون معها ويتفقون معها أحياناً في مسألة تمديد وقف العدائيات، وضمان الإغاثات الإنسانية، يعني حقيقة إجراءات كيدية، المهم هذه البلاغات حيثياتها متعلقة بأن لدينا علاقة تحالفية مع الفصائل المسلحة، والتي كما قلت يحاورونها ويتفقون معها وتصدر قرارات مجلس الأمن بخصوصها وتصدر قرارات مجلس السلم والأمن الأفريقي بخصوصها وهكذا، وهي موجودة، لها وجود في باريس ولها وجود في كل مكان، فهم ليسوا معاملين كإرهابيين، بل معاملين كناس معترف بأن عندهم قضية، فالنظام اعتقد أنه كيداً سار في هذا الخط.
المدهش أن هؤلاء مهما صنفوا لا يصنفون بقدر الإدانات الموجهة ضد النظام، فبموجب القرار 1593 الأممي النظام معتبر أنه:
1. ارتكب جرائم حرب.
2. ارتكب جرائم ضد الإنسانية.
3. ارتكب جريمة الإبادة الجماعية.
يعني إنسان مركبة فيه كل هذه المصائب فؤوس وحراب وسهام وشاعر بأنه يستطيع أن يتكلم ويصنف الآخرين، بل الناس الذين يستخدمهم أنفسهم في إجراءاته الأمنية كثير منهم أيضا مرتكبين جرائم من هذا النوع، أي: إذَا أنت لَمْ تَسْتَحِ فَافعل ما شئتْ.
ولا شك الآن أن هذه بلاغات إنسان ذنوبه أكبر بكثير جداً من أي ذنب يمكن أن يلحق بالحركات المعنية، وهي ذنوب تعترف بها الأسرة الدولية لأن القرار 1593 الذي أحال هؤلاء للمحكمة الجنائية الدولية تؤيده 140 دولة مؤيدة نظام روما والمحكمة الجنائية الدولية فهم مكبلون بهذا كله ومثلما يقال: “القاعد في بيت قزاز ما يطقع الناس بالحجارة”.
النقطة السادسةً: العلاقة بحركة الأخوان المسلمين: لأن هناك نوع من الشبهات. نحن تحالفنا مع الحركة الاخوانية في مرحلة ما حول الإسلام واتفقنا على ما أسميناها (جماعة الفكر والثقافة الإسلامية) أن نعمل على تطبيق الإسلام ولكن لا بد أن هذا التطبيق:
1. يراعي حقوق المواطنة للآخرين، لا يحرم الآخرين من حقوق المواطنة لأنه لا يوجد إنسان يقبل يكون جزء من بلد يصير فيها مواطناً من الدرجة الثانية .
2. أنه أياً كانت التطبيقات الإسلامية لا بد أن تكون بوسائل ديمقراطية.
خرقوا هذا الكلام ولأنهم خرقوه في الواقع اختلفوا معنا. خرقوه وأيدوا قوانين سبتمبر التي جاء بها نميري وخرقوه عملوا هذا الانقلاب، و لذلك هذا أصبح الفراق، هذا فيما يتعلق بهم.
فيما يتعلق بالحركة الاخوانية في مصر نحن طبعاً كنا مشغولين جداً بما يحصل في مصر، وكان جاءني السيد حسب الله كفراوي قال لي يا أخي نحن في مصر هنا عندنا واقع ممكن يحصل اشتباك بين اتجاه إسلامي واتجاه علماني نرجوك تعال مصر أسس حزباً هنا لكي يقدم لنا طرحاً يجنبنا هذه المواجهة المرتقبة. هذا قاله لي في سنة 1998م. على كل حال طبعاً هناك مشكلة في الطرح الأخواني في مصر. وعندما قامت حكومة السيد محمد مرسي، أنا وزميلي السيد مروان الفاعوري بصفتنا مسؤولي منتدى الوسطية ذهبنا وقابلناه وقلنا له يا أخي ما تسيرون فيه هذا سيعمل فتنة في مصر، وطالبناه: أولاً توقف الإعلان الدستوري وتنفذ السياسة التي تجمع بين المصريين لأنك انتخبك في البداية 5 مليون إخواني، لكن غير الأخوان الـ8 مليون هم من انتخبوك فلا بد أن يكون نهجك أوسع من الحزبية الأخوانية. كذلك طرحنا له إجراءات وقلنا له إذا وافقت على هذه الإجراءات فإن لدينا اتصال مع جبهة الانقاذ في ذلك الوقت التي يقودها السيدان البرادعي وعمرو موسي، لكي يستطيعوا الاتفاق على مخرج لمصر لأننا لا نريد لمصر أن تدخل في فتنة. السيد محمد مرسي قال لنا كلامكم هذا سوف أدرسه، ولكن عندما مشينا المقطم الحزب قال لنا لا .. الرئيس لن يوافق، ومعناها نحن لن نوافق. وهذا من الأمور التي عبأت المصريين لأنهم شعروا بأن من يحكمهم ليس من انتخبوه، هذا اتى بالمشكلة كلها وحصل في مصر ما حصل. نحن حاولنا نتجنب ذلك ليس لمصلحة الإخوان ولكن لمصلحة مصر، حدث ما حدث، وبعده اتجه الأخوان إلى اتجاهين في مصر: بعضهم قال نحن لازم نأخذ القصاص لما حدث في ميدان رابعة، ولازم نستبيح القتل ونستبيح كذا وكذا….، وآخرون قالوا لا نحن نعفو ونعتبر هذا الموضوع أخطاء ونتجاوزه، هؤلاء خرجوا بهذا الكلام وهذا كان كلام السيد منير إبراهيم وهو نائب القائد، المرشد الإخواني، فكتبتُ خطاباً مفتوحاً للسيد الرئيس السيسي: يا أخي استعمل صلاحيتك لكي تعفو عن إعدام هؤلاء الناس ونحن سنتصل بهم ليعملوا مراجعات للحركة الإخوانية؛ الحركة الأخوانية عملت مراجعات في تركيا وعملت مراجعات في المغرب وعملت مراجعات في تونس، ونحن نرى أنهم لازم يعملوا مراجعات لكي يصيروا مقبولين في الجسم السياسي كي نتجنب الفتنة في مصر. بعض الناس رأوا أن هذا غير مقبول، وعلى أية حال هذا الذي جعلنا مهتمين وما زلنا، إنني أعتقد أننا لا بد من أن نتجنب الفتن القائمة على ذلك، لأن الحركة الأخوانية أصلها منشطرة بين اتجاهين: اتجاه (الهضيبية) حسن الهضيبي الذي كتب كتاباً لتجربة مراجعات عملها فيه بعنوان “دعاة لا قضاة” وهناك التيار الآخر تيار سيد قطب الذي يكفر المجتمع ويتخذ موقفاً تكفيرياً. ولذلك هناك ضرورة لأن يتفاهم الناس على ذلك. على كل حال هذا هو الموقف: نحن مهتمين بما يحصل في مصر ولازم نهتم لإيجاد مخرج منه. ونتحرك بما يحقق عدالة مع أننا من ضحايا حركة أخوانية في السودان (وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰۖ)[1].
النقطة السابعة: دعوتنا لإنهاء الحروب في المنطقة:
نحن نطرح الآن ونعمل لضرورة إنهاء الفتنة السنية الشيعية، وضرورة إنهاء الحروب في المنطقة، لأن من يستفيد من الحروب في المنطقة هو العدو، وهذا موضوع كبير وعريض ولكن على أي حال هذه وظيفتنا. لماذا هي وظيفة السودان؟ السودان وظيفته هكذا لأنه مركب تركيبة ثنائية. السودان ذاته مركب تركيبة ثنائية بين شمال الصحراء وجنوب الصحراء، بين عناصر عربية والعناصر الأفريقانية، بين أهل النهر وأهل الظهر. فالسودان لديه تركيبة كهذه ولذلك يجب أن يكون دوره في القضايا المختلفة ليس المحورية، بل دوره يجب أن يكون الوفاقية، لذلك السودان استطاع أن يلعب دوراً في الصلح ما بين الرئيس جمال عبد الناصر والملك فيصل رحمهما الله، لذلك السودان استطاع أن يلعب دوراً أيضاً في الصلح بين الفلسطينيين والأردنيين، ولذلك استطعنا أن نلعب دوراً في الحرب العراقية الإيرانية، الخط الذي طرحناه في الأول لم يقبل ولكن في النهاية تأسس عليه الصلح الذي تم ما بين العراق وإيران.
السودان يندر ما يدخل في إنحيازات لأنه مثل ما أقول تركيبته مركبة، ولأنها مركبة محتاجة لأنه يتخذ دوراً ليس بالاستقطابي وليس بالمحوري، على كل حال هذا سنسعى فيه إن شاء الله.
النقطة الثامنة: ماذا سنفعل بالفرصة؟
ما حصل في مطار القاهرة أزمة، ولأنها أزمة يمكن أن نحولها لفرصة، ونحن الآن نحولها لفرصة لتكون مثلما قلنا إنها وضعتنا في ربوة، منها انطلقنا فعلاً لهجمة فكرية، وهجمة سياسية، وهجمة إعلامية، وهجمة دبلوماسية، وهي مؤكد فرصة لم تكن لتتاح لولا حدوث هذه الحكاية لأنها عملت لنا (News worthy) أي قيمة خبرية، ومن لديه قيمة خبرية لديه فرصة أن يستفيد من هذه الخبرية.
وبسبب الخط التصالحي الذي نسير فإننا كنا وما زلنا مهتمين جداً بالصلح الذي حصل بين أثيوبيا وإريتريا. وكنتُ في سنة 1998م قدت وفداً شعبياً، وذهبنا وقابلنا المرحوم مليس زيناوي والأخ أسياس أفورقي، لكي نقول لهم تصالحوا ولا تتحاربوا، فهذا سيأتي بضرر للطرفين وأنتم تكملون بعضكم، إريتريا موانئ طبيعية لأثيوبيا، والاريتريين لديهم مواقع مهمة جداً في أثيوبيا لذلك لا يوجد داعي لهذه الحرب. في ذلك الوقت لم يسمعوا كلامنا. الآن مؤكد أن آبي أحمد اتخذ خطاً مدركاً وواعياً وتجاوب معه أسياس، ولذلك يا ليت كل المنطقة تتجاوب مع هذا النهج: المنطقة العربية، والمنطقة الإفريقية لأن هذه الحروب لا مستقبل لها سوى تدمير الأطراف المعنية.
النقطة التاسعة: ماذا نريد من الأسرة الدولية؟
نقول للأمريكان والأوربيين، وسنتصل بالصينيين والروس وكل هؤلاء، نقول لهم الآتي: في السودان نحن لا نريد منكم أن تقوموا لنا بشغلنا لا.. لكن نريد منكم الآتي:
أولاً: ألا تتكلم الأسرة الدولية بلغات مختلفة بل تتكلم بلغة واحدة مشتركة، تقولوا إنكم تدعمون في السودان السلام العادل الشامل، والتحول الديمقراطي وحقوق الانسان، نحن نأمل أن تفعلوا ذلك، ولكن حتى تصلوا له اعقدوا مؤتمراً، ليس مؤتمراً دولياً لمجلس الأمن ولكن مؤتمر بينكم لكي تلتزموا فيه بأن يكون لديكم خط يدعم الشعب السوداني في مطالبه المشروعة.
ثانياً: ينبغي أن تدركوا أن الوضع في السودان فيه مجال كبير لتحقيق هذه الأهداف، ولا يمكن أن يحصل في السودان أي عمل يساعد على وقف الهجرة أو يؤدي لمكافحة الإرهاب بدون أن يكون هناك خط لإيقاف مصادر الإرهاب ومصادر الهجرة، وبدون ذلك فمهما أقمتم من حواجز وعملتم من معسكرات لن توقف المستعد أن يمخر البحر ولو مات، سيقتحم هذه المحلات كلها، ولا بديل لأن تنظروا لهذا الموضوع في إزالة الأسباب، المرض وليس العرض.
ثالثاً: النظام السوداني ملاحق جنائياً والآن أنتم تتعاملون مع قيادة النظام السوداني بطرق غير مبدئية، لا يوجد حل غير واحد من اثنين، إما يمشي البشير كما عمل اوهورو كينياتا للاهاي ويبرئ نفسه في المحكمة، أو عبر المادة 16 من نظام روما يكون هناك اتفاق للقوى السياسية السودانية، ضحايا هذه الجرائم، يتفقوا على حل سياسي يتبناه مجلس الأمن وهذا ممكن، فإما الحل القانوني أو الحل السياسي، الحل السياسي يمر عبر التراضي السوداني ولا يمكن أن يكون فوق رأس السودانيين وهذا قد تكلمنا فيه مع ناس مسؤولين في الأمم المتحدة وقالوا هذا الكلام، المهم ابحثوا هذا الموضوع ولكن لا يمكن وفي الغرفة فيل، أن تتعاملوا كأن الفيل غير موجود. المحكمة الجنائية فيل في الغرفة، لا يمكن أن تتعاملوا كأن الفيل غير موجود، هو موجود وأي تجاهل لوجوده أو تحاشي النظر إليه غير ممكن، والحل إما القضائي أو السياسي. ونظام روما فيه مجال للحل السياسي ولكن هذا يمر عبر الإرادة الوطنية السودانية ولا يمكن أن يكون بغير ذلك. والمهم لا بد أن تتخذوا موقفاً مبدئياً، مسألة اتخاذ مواقف مثلاً إرسال وفد يزور السودان ويلتقي الجميع ولكن لا يلتقي المسئولين الكبار مثل البشير ولا يدعوه ليزور أي بلد من البلدان، السودان معاقب، طالما يوجد هذا الموقف لن يقوموا في نظام نادي باريس بعفو الدين لنا، وهكذا. لا توجد أية طريقة إلا التخلص من هذا الفيل إما بحل قضائي حقاني أو سياسي، ولذلك ابحثوا هذا الموضوع واتخذوا قراراً مبدئياً لا قرارات ذرائعية، اتخذوا مواقف مبدئية.
النقطة العاشرة والأخيرة: عودتي للسودان
طبعا نحن لدينا الآن برنامج يتطلب زيارة مناطق كثيرة عربية وأفريقية وإسلامية وأوربية ..إلخ. لدينا برنامج الآن سائرين فيه ونوظفه لمثل هذه اللقاءات التعبوية، كذلك للاتصالات بالحكومات والبرلمانات، وللطرح الفكري والإعلامي، لأننا نعتقد أن هذه فرصة كبيرة جداً جاءتنا من الأزمة؛ فالأزمة نترجمها لفرصة:
اشتَدَّي أزمَةُ تَنفَرِجي
الأزّمَة ُمِـفـْتـَاحُ الفـرَج
وسوف تكون العودة للوطن إن شاء الله بعد الفراغ من هذه المهام.
والسلام عليكم.
ملحوظة: القيت الندوة شفاهة وقام المكتب الخاص للإمام الصادق المهدي بتفريغها من تسجيل بالفيديو.
[1] سورة المائدة الآية (8)