بسم الله الرحمن الرحيم
حزب الامة القومي
دائرة الاعلام
رسالة الاثنين الأسبوعية (العاشرة)
الإمام الصادق المهدي
غرة أكتوبر 2018م – لندن
أخواني وأخواتي، أبنائي وبناتي
السلام عليكم، وبعد-
بعد أزمات الوقود، والخبز، وانخفاض سعر الجنيه، وارتفاع معدلات التضخم لما فوق 60%، ما برح نظام الخرطوم المأزوم يرسل لنا صواريخ أرض-أرض من الكوارث.
أولاً: وباء كسلا بأسمائه المختلفة، أصاب آلاف الناس وقتل عشرات وهو وباء فيروسي دليل ساطع على تدهور البيئة الصحية. لا غرابة فالحكومة تصرف على الخدمات الصحية والتعليمية 9%، أقل مما يصرف على رئاسة الجمهورية أي 10%، وأقل مما يصرف على الخدمات في بلاد أخرى مماثلة إذ يصرفون 29% من الميزانية.
ثانياً: فوجئنا بظاهرة مصاصي الدماء في وسط وغرب دارفور. قيل قُبض على شخص ولكن حجم الإصابة واسعة، وفي منطقة واسعة، تدل على أنها عصابة لا شخص واحد.
ثالثاً: ها هي سياسات “البصيرة أم حمد” إذ اتخذت الحكومة إجراءات أدت إلى أن صارت 90% من الكتلة النقدية خارج المصارف، وإلى مخاطر أمنية إذ استباح مسلحون البنك لصرف مطالبهم بالقوة. وقال رئيس اتحاد المصارف إن الحظر على البلاد أدى لعدم قدرة المصارف على التعامل الخارجي لتمويل التجارة الخارجية، والتحاويل، مما أدى لزيادة تكلفة التشغيل وزيادة المخاطر، إضافة لفقدان التسهيلات المصرفية، وكانت في حدود $2,5 مليار دولار. هذا كله يعود سلباً على توفير مدخلات الإنتاج. المناخ المالي والنقدي التحكمي الجاهل أدى كما قال اتحاد أصحاب العمل إلى خروج روؤس الأموال السودانية إلى دول الجوار.
رابعاً: الفساد المستشري في السودان فساد شامل لا يعالجه قبض بعض القطط البدينة ذراً للرماد في العيون. لا نصدق الموقف الجاد لمحاربة الفساد إلا ضمن استحقاقات مهمة:
استحقاق سياسي: يجعل النظام خاضعاً للمساءلة والمحاسبة والشفافية.
استحقاق تشريعي: إصدار قانون يواجه كل المسؤولين: من أين لك هذا مقارنة ما كان عليه حاله في يونيو 1989م وما صار إليه الحال الآن. وقانون تصفية التمكين الذي بموجبه انتشرت المحسوبية وانتشر تشريد الكفاءات فخربت الخدمة المدنية، ومؤسسة الدفاع، والشرطة.
كنا كذلك إذا أُعطينا هدايا اعتبرناها ملكاً للدولة. الآن المسؤولون يعتبرون الهدايا ملكاً لهم ويفاخرون بها، الواجب تسليمها للدولة.
وهنالك الأموال المهربة والمجنبة خارج البلاد في ماليزيا ودبي وغيرهما.
الحديث عن الفساد دون الالتزام بهذه الاستحقاقات الخمسة حديث خرافة.
خامساً: بالإشارة لقرارات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. حشد النظام السوداني أعداداً كبيرة لكي يكون القرار بشأن السودان محصوراً في التدريب والتأهيل. لكن القرار كان إبقاء النظام تحت المراقبة بموجب البند 10، والتجديد للمقرر الخاص، والأمر بتأسيس مكتب دائم لمراقبة حقوق الإنسان في السودان، مكتب تابع للمفوض السامي لحقوق الإنسان.
تعليقاً على بنود هذا القرار أقول:
• البند “5” يشير إلى تأييد حوار وطني مستمر في السودان. لا يوجد حوار وطني في السودان الحوار الناقص انتهى منذ عام 2016م وأفرغت توصياته. والحوار الشامل بموجب خريطة الطريق الأفريقية عطله النظام بعد أن وقع عليها.
• البند 7 يشيد بإستضافة النظام لمليون لاجئ، نعم ولكن أحق بالملاحظة أن في السودان 3 مليون نازح مشرد من مكان إقامته، وعدد أكبر من السودانيين مشردين في آفاق الدنيا، هرباً من البلاد المأزومة، ظروف هؤلاء المنكوبين أولى بالاهتمام.
• البند 9 يشيد بتعيين مفوضية لحقوق الإنسان في السودان في أبريل 2018م، ولكنها مفوضية ذات صلاحيات شكلية تحت رقابة أجهزة الأمن. والحديث عن محاربة النظام للاتجار بالبشر خواء، فالاتجار بالبشر وبالمخدرات يقع تحت عنوان حاميها حراميها.
• البند 10 ينص على مطالب معينة لصالح المواطنين، والحقيقة أن النظام يعتقل، ويقيد حركة الطلبة، والصحافيين، والسياسيين ويبطش بأية تجمعات احتجاج سلمية، وهو يعد لميثاق للصحافة لزيادة القيود عليها. وقوانين النظام كالقانون الجنائي لعام 1991م ينص على ما سموه حد الردة، وهو جزء من التعامل مع الشريعة باعتبارها مؤسسة عقابية. في أحكامهم 30 جريمة تعاقب بالجلد، وتقتل فيما سموه الردة على نحو ما فعل نظام مايو بالأستاذ محمود محمد طه. لا عقوبة دنيوية في الردة في الإسلام لأن هذا يناقض قوله تعالى: (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ) وقوله: (وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْۚ) . إنهم يمنعون حرية العقيدة.
• البند 12 يشير لتحسن الحالة الأمنية، نعم هناك وقف للعدائيات ولكن حيثيات الحالة الأمنية فظيعة: ملايين النازحين من قراهم المستباحة الآن لإحلال عرقي، وملايين من الباحثين عن لجوء أجنبي حتى إذا غرق في البحر عُشرهم، وقيادات البلاد ملاحقة جنائياً، وتوجد عناصر مسلحة من المواطنين داخل وخارج السودان دون اتفاقية سلام، والسلاح بأيدي المواطنين بالملايين حتى الآن.
مع هذه الحقائق تحسن الحالة الأمنية وهم، وعلى أية حال نرحب بالمكتب الجديد التابع لمفوضية حقوق الإنسان، وسوف نقيم آلية لتزويده بحقيقة الموقف المزري لحقوق الإنسان في السودان.
والله ولي التوفيق.