ملتقــى قضـايا السـلام الشـامل في السـودان
القاهـرة/ 7-11 سبتمـبر 2019م
البيـــان الختامــي
إنعقد ملتقـى “قضـايا السـلام الشـامل في السـودان”، في الفترة 7-11 سبتمبر 2019م بالعاصمة المصـرية القاهـرة، وذلك برعاية كريمة من الحبيب الإمام الصـادق المهـدي رئيس حـزب الأمـة القومـي، وبمشاركة ثلاثيـن قيادي، يمثلون ولايات دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان وشرق السودان وأبيي، وقيادات الحزب بالمركز العام المعنيين بالملفات المختصة من مجلس التنسيق والمكتب السياسي والأمانة العامة للحزب.
إنعقد الملتقـى في مرحلة تاريخية، والسودان تدور فيه رحـى الثورة والتغيير والإنتقال نحو المدنية الديمقراطية، وذلك بغرض إيجاد الحلول الناجعة بعد التشخيص الصحيح للقضايا الأساسية المتعلقة بالسلام الشامل في السودان، ولتقديم رؤية مشتركة وخارطة طريق نحو إطار سياسات فاعلة للسلطة الإنتقالية وقوى الثورة لإدارة عملية سلمية تفضي للإستقرار وطي صفحات الحرب ووضع نهاية للسياسات الديكتاتورية والإستبداد.
تأسس هذا الملتقـى علي أرضية من التشاور المكثف الواسع لضمان صياغة منهجية شاملة ومتكاملة، تبنى على مبادئ السلام العادل الشامل في أدبيات حزب الأمة القومي لا سيما “مصـفوفة الخـلاص الوطنـي” التي أطلقها الحزب ضمن “مشـروع بناء المستـقبل الوطنـي” وخلاصات ورش العمل والملتقيات ذات الصلة التي أقامها الحزب.
وهـدف الملتقـي الي إرساء سبل التعاون الهادف مع الحكومة الإنتقالية وحركات الكفاح المسلح وأصحاب الشأن والمجتمع الإقليمي والدولي. كما هدف الي وضع خارطة طريق لعمليات السلام المطلوبة لإنهاء معاناة الضحايا ومعالجة أوضاع النازحين واللاجئين وترتيبات العدالة الإنتقالية لدرء المظالم وإجراء المصالحات اللازمة التي تُرسي المناخ الملائم لعملية السلام. ذلك علاوة على إعتماد الآليات الفاعلة لتسريع عملية التفاوض والحوار لتحقيق السلام خلال الفترة المنصوص عليها في وثائق السلطة الإنتقالية.
قُدمت خلال الملتقـي أوراق عمل تفصيلية شملت المحاور التالية: قضايا دارفور، جنوب كردفان، النيل الأزرق، شرق السودان، أبيي، وقضايا العدالة والإنصاف، ومحور السلام في مصفوفة الخلاص الوطني، وقضايا النازحين واللاجئين وأبعادها الإقليمية، ومشاركة النساء والشباب في السلام، وحظيت الأوراق بنقاش عميـق ومسئـول وشـفاف.
وقف الملتقـى أيضاً على فرص تحقيق السلام من خلال تحليل الوضع الراهن، وأهمها مكاسب الثورة السودانية التي فجرها الشعب السوداني وشاركت فيها الحركات المسلحة ضمن قوى الحرية والتغيير، والأمل الكبير الذي وُضع على عاتق رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك، والترحيب العميق بالسلام والإطمئنان لدى الضحايا والمواطنين في مناطق النزاع بوضع قضايا السلام في صدر أولويات الفترة الإنتقالية، والتوجه الإقليمي والدولي المساند والضاغط لتحقيق السلام، والإهتمام المتزايد للقوى السياسية وحركات الكفاح المسلح وتصريحاتها الإيجابية والمبشرة، وشروع السلطة الإنتقالية عملياً في ترتيبات السلام على مستوى المجلس السيادي ومجلس الوزراء.
إستعرض الملتقـى التحديات الماثلة والمحتملة لعملية السلام، من مغامرات الثورة المضادة والدولة العميقة، وشمول وقومية عملية السلام من حيث الأطراف والقضايا، وعودة النازحين واللاجئين، والتعويض المجزي للضحايا، وتوفير الخدمات، والتوزيع العادل للثروة والسلطة في الولايات التي إستهدفتها الحروب والنزاعات والتهميش، وآليات تحقيق العدالة وإنصاف الضحـايا.
تناول الملتقـى قضـايا السلام وفق منهجية تقوم على إستقراء تاريخ الحروب وجذور وأسباب النزاعات وأهمها قضايا التهميش ونقص التنمية وصـراع الموارد، والتي كرستها النظم الشمولية، وبصورة أكبر نظام الإنقاذ بتوجهاته الأيدلوجية الهادفة لإعادة صياغة المجتمع السوداني من ناحية والنافية للأخر من ناحية أخري. بالإضافة الي تتبع تداعيات النزاعات وتطوراتها. مع بشريات وتحديات السلام عقب نجاح الثورة السودانية والدخول في الفترة الإنتقالية، والقضايا المستجدة والعاجلة. عطفا علي رسـم ملامح الإطار القومي لعملية السلام وأهمها إشراك كافة أهل الشأن بجانب السلطة الإنتقالية (حركات الكفاح المسـلح، القوى السياسية، النازحين واللاجئين، النساء، الشبـاب، المجتمع المدنـي).
إسـتعرض الملتقى قضايا النزاعات في المناطق الخمس من كافة جوانبها ووقف على جـذور النزاعات فيها وعلى التشعبات الظرفية والموضوعية التي ترتبت على إندلاع الصراعات في الموعد والمواقع المحددة، وأوصـى بالتالي:
- وقف الملتقـى على المناهـج المتبعة طوال فترات النزاعات وعلى سبل تأمين الحلول لها والتي تراوحت بين المقاومة المسلحة ومناهج الحوار المختلفة، وشدد الملتقى على أن كافة تلك النزاعات لا يمكن حلها عبر المناهج العسكرية، وأن الحـوار والتفاوض وحده هو السبيل الأوحد لتأمين الحلول الناجعة لتلك النزاعـات.
- أكـد الملتقـى علي قناعته بأن الصراعات التي تم إستعراضها تمثل أصدق مثال للقصور في عدم وجود رؤية وطنية قومية التي تنصهر فيها الروابط الإثنية والعرقية مما يستدعي ضرورة بلورة رؤيـة تعبر عن التنـوع.
- أكـد الملتقى على أن المبادئ أدناه تشكل إطاراً حاكماً لحل جميع النزاعات التي تم إستعراضها مع الأخذ في الحسـبان الخصوصيات التي تتسم به النزاع في كل منطقة والتدخلات المحلية والخارجية التي إرتبطت بتلك الصراعات:
أ. الإلتـزام بمبـدأ المواطنة المتساوية كأساس للحقوق والواجبـات لكل المكونات.
ب. الإقـرار بمشروعية التعدد والتنوع الإثني والعرقي والثقافي والسياسي، كعنصر أساسي في وضع السياسات والتشريع.
ج. كفالة حقوق الإنسـان المنصوص عليها في كافة الإتفاقيات الأقليمية والدولية التي تضمن المساواة في الحقوق ومراعاة قضايا النوع الإجتماعي وإشراك المرأة في مجالات التنمية والإنتاج وحقها المشروع في الشراكة في السلطة والثروة والترتيبات الأمنية الهادفة لضمان السلام والإستقرار.
د. كفالة الحقوق التنموية والخدمية الهادفة لمعالجة مظالم نقص التنمية والتهميش وتأمين الحلول التنموية اللازمة التي تعالج مشاكل البنى التحتية وتأمين العيش الكريم وتوفير سبل التعليم والصحة والأمان من الخـوف والجـوع.
ت. معالجة التشوهات التي الحقتها أنظمة الإستبداد بالإدارة الأهلية وتقويم دورها ومسارها وتوظيفها لتأمين شراكة فاعلة مع السلطات الرسمية.
ث. إنتهاج سياسـات فعالة تؤمن المواءمة بين إحتياجات مناطق النزاع الإقتصادية والسياسية والإجتماعية والأمن والسلامة لدول الجوار التي تتاخم مناطق النزاعات، وإنتهاج سياسات تشاركية حكيمة تهدف لمعالجة مشاكل التداخل الإثني والعرقي والثقافي بين مكونات مناطق النزاعات ودول الجوار والعمل علي تأمين المناخ المواتي لتبادل المنافع والتكامل بين مناطق النزاعات وتلك الدول.
ح. المعالجة المستنيرة والحكيمة لخطاب التهميش والإستعلاء العرقي والذي وظف لخدمة الأهداف الأيدلوجية والإنقسامية والإستبدادية والإضرار بالنسيج الإجتماعي والتعايش السلمي.
خ. إعتماد مناهـج التمييز الايجابـي في كافة مجالات التنمية والخدمات والحـقوق.
- أمـن الملتقى على رؤية الحزب حول السلام العادل الشامل ضمن مصفوفة الخلاص الوطني، وأشاد الملتقى بالحوارات والإتصالات التى تمت لتوصيل المصفوفة الي مؤسسات السلطة الإنتقالية والقوى السياسية والمجتمع المدني والأشقاء في المجتمع الإقليمي والدولي، مع ضرورة البداية الفورية في حملة التنوير المدني بالمصفوفة في الأقاليم والأرياف.
- ثّمـن الملتقى دور الأشقاء في دول الجوار وفي مقدمتها أثيوبيا ومصر في دعمهما لوحدة السودانيين وتعزيز فرص السلام الشامل، وتتطلع لدور أكبر في المرحلة القادمة.
- رحـب الملتقى بالوحدة الإندماجية للجبهة الثورية بجوبا في سبتمبر 2019م، وإعتبرها خطوة في الإتجاه الصحيح بما لها من أهمية في بناء رؤية موحدة للسلام ودعم السلطة الإنتقالية، وأشـاد الملتقى بتصريحات القائد عبد العزيز الحلو حول تشكيل الحكومة الإنتقالية وإستعداده للتفاوض، وثًمن الملتقى بالدور الكبير الذي لعبته دولة جنوب السودان في هذا الشـأن.
- دعـا الملتقى السلطة الإنتقالية لبناء الثقة وتهيئة المناخ وإشراك القوى السياسية والحركات وأصحاب الشأن في مشاورات تشكيل مفوضية السلام تجنباً لتكرار التجارب الفاشلة.
- أقـر الملتقى بأن شرق السودان ظل يعاني لفترة طويلة من التهميش وويلات الفقر وإستيطان الأمراض ونهب الثروات والموارد، وإن إتفاقية الشرق لم تتعامل مع الأزمات وإنما أعراضها، وتعثر صندوق دعم الشرق، مما زادت النزاعات القبلية والإستيطان، لذلك فإن قضايا الشرق جزء لا يتجزأ من عمليات السلام المطلوبة للإستقرار وإزالة التهميش.
- دعـا الملتقى الي تبني إستراتيجية متكاملة لمعالجة الصراعات القبلية، وإعادة بناء العقد الإجتماعي والمصالحات كمدخل أساسي للسلام والتعايش السلمي.
- أكـد الملتقى بأن قضية العدالة لا مناص منها لتحقيق السلام، ودعم الملتقى مساراتها الحقوقية التي تخاطب العدالة والإستقرار في عملية واحدة.
- أشـار الملتقى الي أن الدروس المستفادة من فشل إتفاقيات السلام السابقة التي لم تحقق السلام، يكمن في ثنائية الإتفاقيات والمحاصصة السياسية والإقصاء المتعمد لأصحاب الشأن والضحايا في مناطق النزاعات، وأوصى بأن منابر التفاوض المقبلة تستوجب المشاركة الواسعة والمستحقة لتحقيق السلام المنشود.
- شّدد الملتقى على ضرورة إنتهاج وتبني خطاب جديد يضع في أولوياته قضايا الشباب والقوى الجديدة وتمثيلهم في مؤسسات بناء السلام والتثقيف المدني ومشروعات التنمية وإعادة الإعمار.
- ناشـد الملتقى المجتمع الإقليمي والدولي بتقديم كافة أشكال الدعم والمناصرة للسودانيين لإنجاز عملية السلام خلال الستة أشهر الاولى من الفترة الإنتقالية، وتبني تأسيس صندوق دعم السلام وإعادة الإعمار، كما رحب الملتقى بقرار الإتحاد الإفريقي بإستعادة السودان لإستحقاقات حقوق العضوية في الإتحاد الافريقي، وثمن دور الأشقاء العرب وكل الشركاء الاقليميين في الدعم والمؤازرة.
- أكـد الملتقى على أن قضايا التوطين للإجانب والتهجير القسري في مناطق النزاعات أمر يتطلب المراجعة والمعالجة الحاسمة التي تتسق مع القوانين والأعراف المتبعة.
- ثّمـن الملتقى فكرة قيام مؤتمر للسلام الشامل وتأسيس مفوضية السلام، ودعا الي إدراج كل القضايا وتأمين مشاركة كافة الاطراف المعنية خاصة أصحاب الشأن الذين تم تغيبهم خلال الفترات الماضية.
- دعـا الملتقى الي جعل منطقة أبيي منطقة تكامل اقتصادي وتجاري واجتماعي وثقافي بين دولتي السودان وجنوب السودان، وعقد مؤتمرات للتعايش في الحدود، وتنفيذ مشروع التوأمة بين الدولتين.
- أبـدى الملتقى قلقه على الأوضاع الإنسانية الحرجة للاجئين في معسكرات شرق تشاد، حيث ثمن الجهود التي بذلتها الجارة الشقيقة تشاد وضرورة التنسيق مع السلطات والمنظمات العاملة في هذا المجال للمساهمة في تأمين العودة الطوعية. وأوصى الملتقى بإتخاذ التدابير اللازمة التي تضمن عودة النازحين لقرأهم في ظل مناخ السلام العادل والشامل.
- شّـدد الملتقى على صون وحدة السودان عبر تعزيز اللامركزية، والتنمية المتوازنة، وبحق مناطق جنوب كردفان والنيل الأزرق في السلطة والثروة، والتمييز الإيجابي ومعالجة أسباب التهميش والمظالم.
- أكـد الملتقى أن التعدد والتنوع المأثل في السودان يشكل عامل إثراء للهوية السودانية وتكامل بين مكوناته في ظل الإدارة الراشدة مع الإعتراف وتشجيع اللغات والثقافات المحلية.
- رحـب الملتقى بالمباحثات الجارية الأن في جوبا، وأعرب عن تطلعه أن تتكلل بالنحاج والتوفيق بما يؤمن بالشراكة الفاعلة بين قوى الكفاح المسلح والقوى السياسية المدنية وأصحاب الشأن.
- إعتمد الملتقـى خارطة طريق لعمليات السلام خلال الفترة الإنتقالية، ووضع آلياتها الإتصالية والسياسية، لتأمين المتابعة والتقويم والتطوير.