خطاب الإمام الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي بالجزيرة أبا – الجمعة 6 ديسمبر 2019م

12 ديسمبر، 2019

خطاب الإمام الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي بالجزيرة أبا – الجمعة 6 ديسمبر 2019م

12 ديسمبر، 2019

بسم الله الرحمن الرحيم
حزب الأمة القومي
زيارة ولاية النيل الأبيض – الجزيرة أبا
الجمعة الموافق 6 ديسمبر 2019م

خطاب الإمام الصادق المهدي رئيس حزب الأمة القومي

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه.
أخواني وأخواتي، أبنائي وبناتي،
السلام عليكم ورحمة الله،
يا أحباب لاقيتونا بحماسة، وشجاعة، وقوة كأنما الشجر، والبحر، والبشر، في طوفان كبير وهذا ليس الآن، بل فعلمتوها أيضاً يوم كان الطاغية بندقيته معمرة وعيونه حمرة.
أرجوكم أن ترددوا معي الآن ما سأقول:
أبا بلد النبا
النيل الأبيض العزم الأوكد
الاستقلال صنعناه
كل طاغية قبرناه
الشهداء عند الله أحياء
حرية سلام وعدالة الخيار خيار الشعب
الحرب دمار والسلام عمار
هؤلاء الجماعة قالوا جئنا نقلعكم، الحمد لله بعون الله قلعناهم.
أسال الله الرحمة للشهداء: شهداء أبا، وودنوباوي، وشهداء ديسمبر، وقد قدمتم فيهم منكم شهداء: شوقي ومحمد إسماعيل رحمهم الله جميعاً وهم عند ربهم أحياء.
أقول، كياننا هذا كيان جهاد واجتهاد، من يتملص من الجهاد والاجتهاد انملص منه.
في التاريخ موقف أهلنا صادموا الإمبريالية الغازية، ومع أنهم قتلوهم بالتفوق الناري إلا إن أعداءهم أنفسهم شهدوا بقولهم: هؤلاء أشجع من مشى على الأرض.
وزعماء هذا الكيان جمرهم إبتلاء. ثلاثة جمرهم الرصاص: خليفة المهدي، والإمام الهادي، والإمام عبد الرحمن؛ فالإمام عبد الرحمن ضُرب بالرصاص ولكن الله حماه.
اثنان منهم الإمام محمد أحمد المهدي، والإمام الصديق ماتا في الشباب من ثقل الأمانة التي حملوها.
والآن وأنا معكم نواجه هذه الظروف، فقد تعرضت لمحاولة الاغتيال ثلاث مرات، ورفعت علي دعاوي اغتيال قانوني في مايو 2014م، وكذلك في أبريل 2018م رفعوا ضدي عشرة بلاغات بعضها عقوبته الإعدام، واستمر هذا الموقف إلى أن سقط والحمد لله النظام المباد. حقاَ: المزايا في طَيِّ البلايا، والمنن في طَيِّ المحن.
لذلك وفقنا الله سبحانه وتعالى أن نكشف دعاوى النظام الفائت الباطلة بالإسلام، وأن نكشف باطله بالسلام حين قال إنه صنع السلام، وكان الأكثر إغراء لنا أن نشترك معه، وقلنا له: شراكة لا تقوم على رد حقوق الناس ودستور يؤسس على مشاركة الناس لا يمكن أن ندخل فيها، وانفردنا بذلك. كل القوى السياسية الأخرى شاركت النظام في مرحلة من المراحل، انفردنا بأننا لم نشارك النظام حتى سقط.
الآن نحن نقول: تلك رواية المعقولات، ولكن الغيبيات: كنا في سجن نميري ومعي زملاء جاءني هاتف هذا النظام سوف ينتهي في يوم كذا شهر كذا، وقد كان.
ثم كانت هناك رؤية أخرى أن النظام الإنقاذي سوف ينتهي بتفجير في داخله، وقد كان. هذا يدل أيضاً على أنه كما قيل: اتقوا فراسة المؤمن فأنه ينظر بنور الله.
النظام المباد دمر السودان بأعماله وبفساده، ولكني سأتحدث لكم عن قضايا لا بد أن تأخذوها في الحسبان:
ملكية الجزيرة أبا
نميري عندما قرر أن يرد الأشياء المصادرة أتى لي بدوسيه وقال لي هاك هذه أملاككم كلها فاستلمها. قلت له يا أخي لستُ وكيلاً للورثة، لقد جئت لأتكلم عن قضايا الوطن، ولذلك إن أردت أن ترفع الظلم الذي أوقعته على آل المهدي كون لجنة فنية برئاسة المراجع العام، ليراجعوا الأشياء الموجودة فإن وجدوا لهم حقاً يعطونهم إياه بعد خصم الديون بشرطين أولهما أن تكون الجزيرة أبا لأهلها، فلا يكون لنا نحن ورثة الإمام عبد الرحمن فيها إلا أننا مواطنون في أبا، وتكون لأهل الجزيرة أبا، وكنا أثناء تقلدنا السلطة اتفقنا مع العون الإيطالي لتطوير الجزيرة أبا لتصير أنموذجاً لمدينة فاضلة، تطور الزراعة والصناعة وكل شيء، وكذلك اتفقنا مع العون اليوغسلافي ليأتي بالكهرباء من الروصيرص، لتكون الزراعة والصناعة معتمدة على الماء عن طريق الكهرباء الآتية من الروصيرص. للأسف هذا كله ضاع بقيام نظام الإنقاذ. لكن الآن أقول لكم أني سأعمل على أن يُسجل أهل الجزيرة جميعهم لكي تسجل الأرض باسمهم.
وكذلك سننشيء في الجزيرة أبا هيئة عليا تقوم على تطويرها كما كنا نريد إن شاء الله، وسأبحث لها عن التمويل الذي يحولها إن شاء الله إلى المدينة الفاضلة المطلوبة.
وكذلك بالنسبة لكل المشاريع الخصوصية، إن شاء الله سنعمل على أنها كلها تستثمر بصورة تسترد لها دورها الإنتاجي والاستثماري، كل المصانع، والمعاصر والمحالج إن شاء الله تسترد قوتها ووجودها وانتعاشها.
السودان الأخضر
هنالك قضية مهمة جداً وهي قضية البيئة سنهتم بها جداً، وسأعمل على مشروع السودان الأخضر السودان، السودان السندس الأخضر، كل مدينة يكون حولها حائط من الشجر، وبين المدن كذلك يكون بساط من السندس.
موقفنا من الحكومة الانتقالية
إن دور حزبنا في هذه المرحلة؛ المرحلة الانتقالية، أننا نؤيد الحكومة الانتقالية ونقف معها ونتصدى لكل مؤامرة ضدها إن شاء الله، لأنها نتيجة توافق بين القوى السياسية المدنية التي صنعت الثورة، والقوى العسكرية التي استجابت لتطلعات الشعب، لا بد أن نعمل على إنجاح هذه الحكومة ونواجه كافة المؤامرات التي تحاك ضدها.
العلاقات الإقليمية والدولية
نناشد أشقاءنا العرب ونرجوهم أن يتفقوا على أن يدعموا السودان اتفاقاً مشتركاً لا يقوم على أي نوع من التوتر ولا الاستقطاب، لأنه من مصلحتهم ومصلحة الشعب السوداني أن يعملوا مشروع (مارشال) لتنمية السودان فهذا من شأنه أن يطور السودان وأن ينفعهم، فبدلاً عن أن يستثمروا في الغرب أفضل أن يستثمروا في السودان وكذلك في أفريقيا، لأننا الآن نتبنى فكرة أن يقوم نوع من التكامل الاقتصادي بين شطري البحر الأحمر: شرق البحر الأحمر حيث توجد أموال، وغرب البحر الأحمر حيث توجد موارد طبيعية تنميتها تفيد الطرفين، نحن ساعون في ذلك إن شاء الله.
في الكلام مع الأسرة الدولية نقول لهم: لو اضطرب السودان سوف تأتي المضار لكل المنطقة، لأن السودان حتى بعد انفصال الجنوب ما زال يمثل أفريقيا مصغرة، ولذلك استقرار السودان يؤدي لاستقرار كل جيرانه، ولذلك يجب الاستثمار في استقرار السودان. ولذلك نريد من الأسرة الدولية ولديها اجتماع في أبريل 2020م لمناقشة أمر السودان. نقول لهم طوروا موقفكم فلا يكون مجرد صداقة، بل يكون دعماً تنموياً للسودان ودعماً للسودان في السلام.
إننا الآن عندما نقول لأخواننا الذين حملوا السلاح كلهم تعالوا لنتفق على إزالة كل الأسباب التي أدت للخلافات في الماضي، ونعطي كل الذين رفعوا السلاح حقوقهم في اللامركزية، وفي قسمة الثورة، وفي قسمة السلطة، وحقوق أهلنا في الإغاثات المختلفة، في معسكرات النازحين في معسكرات اللاجئين، كل هؤلاء أصحاب حق في مشروع سلام. ونحن مستعدون، ولا توجد جهة الآن تستطيع أن تجرؤ على أن تقف ضد السلام العادل الشامل، ولكن إذا وجدت جهة لحاجة في نفسها أو لأي سبب وقفت ضد السلام فعلى المجتمع الدولي أن يصنفها إرهابية.
حزب الأمة القومي:
لقد بدأنا في الحزب الاستثنائية. لماذا هذه النفرة؟ في هذه النفرة جوانب مختلفة: تعبوية، وتنظيمية، وإعلامية، ودبلوماسية ..إلخ لماذا؟ لنقول إن حماة مشارع الحق موجودين ومستعدين ومتحمسين والحمد لله. لأن هناك من يطمع في السودان.
في التخطيط الذي أجريناه مع زملائنا أن الفترة الانتقالية تستمر وتأتي بعدها انتخابات، لكن إلى أن تأتي الانتخابات بالصناديق نريد أن يشهد الناس أن الناس انتخبوا من انتخبوا بوجودهم وبحضورهم وبأعدادهم، يعدوهم ويشهدوا. ونحن إن شاء الله سنمر على كل الولايات لنثبت أن للبلد حماة يحرسونها من الأشرار إن شاء الله. فحزبنا يسير في هذه النفرة الاستثنائية، ونريد أن يكون للحزب في كل ولاية دار ووسيلة مواصلات وتصير مستعدة.
اختيار الولاة
نشكر الولاة القائمين حالياً، لكن لا بد من استبدالهم بمن يمثلون الولاة بعد الثورة، وهؤلاء سيختارهم إن شاء الله السيد عبد الله حمدوك رئيس الوزراء باعتبار أنهم سيساعدونه في العمل، ونحن في قوى الحرية والتغيير سنقدم له المرشحين، ونأمل أن يختارهم ممن يكونوا قادرين “يشيلوا الشيلة”، فالمسألة ليست عواطف ولا مجاملات، بل ممن لديهم القدرة على حمل العبء، ومن لديهم سنداً شعبياً في الولاية، لأن الوالي لا بد أن يتمتع بتأييد شعبي له في الولاية، وأن يكون مؤهلاً، لذلك نعم يفوض رئيس الوزراء في الاختيار لأن الولاة يساعدونه في عمله، ولكن نصيحتنا له أن يختار القوي الأمين، وليس الغوي “كما كان لدى الجماعة” وكل ما قالوه كان كلاماً مضروباً. لكنا الآن نريد للولاة القوي الأمين المؤهل فالبلد محتاجة لمعالجة المشاكل كلها.
المرحلة الثالثة للثورة
إننا كما قلت ندعم الحكومة الانتقالية، ونستعد للمرحلة الثالثة، فالسودان صارت لديه براءة الاختراع الثورات المدنية وقد حدثت الآن ثلاث مرات، أي صار السودان رائداً. لكن كثير من الحركات الموجودة الآن في بلاد عربية لديها حماسة شديدة، هي تعرف وتتحمس بشأن ما لا تريد، لكنها لا زالت لم تحدد ماذا تريد، لذلك للأسف عندما يتوه الأمر يتولوه عسكريون فيها، لكننا في السودان سرنا بطريقة مختلفة. الثورة سارت على ثلاث مراحل: مرحلة أولى هي مرحلة المجلس العسكري الانتقالي، وقد وفق الله هذا المجلس ألا ينفرد بالسلطة، لأنه يدرك أنه لم يأت للسلطة إلا إستجابة لحركة شعبية ضخمة جداً، وفي بداية فترة الحكم الانتقالي كانت فترة تفاوض وتم واتفقنا على الوثيقة الدستورية هذه هي المرحلة الأولى، وقد كانت بلا شك مرحلة مبروكة لأنه كان من الممكن قبل أن تأتي المرحلة الثانية، مرحلة الحكم الانتقالي الحالي، تنطلق الحماسة الشعبية وتنطلق الحماسة العسكرية، ويلاقي حديد حديداً. لكننا استطعنا أن نقوم بدور يوفق على أساس توازن قوى عملي بين المجلس العسكري وبين الحركة المدنية الثورية، وهذا إن شاء الله يصير قدوة للبلاد الأخرى لأن الحركة في الشارع قوية، لكنها لا تصل إلى أهدافها وحدها، إذا لم تكن هناك جهة عسكرية مسلحة تتجاوب، فالتجربة السودانية ستكون إن شاء الله قدوة.
بعدها تأتي المرحلة الثالثة، مرحلة الاحتكام للشعب، وهذه هي المرحلة التي يكون فيها الحكم مدنياً صرفاً قائم على أساس التأييد الشعبي لمن يختاره الشعب، وهذه المرحلة الثالثة بعد المرحلة الانتقالية.
لنمضي في هذه الخطة نريد أن نستعد ليس فقط بالحشد الجماهيرية، بل نتكلم عن التأسيس الرابع لحزب الأمة.
ما هو التأسيس الرابع لحزب الأمة؟
التأسيس الرابع لحزب الأمة رفعنا فيه شعار “التقدمية المؤصلة”.
التقدمية المؤصلة تعني أننا في حقيقة الأمر ثوار نريد تغيير الأمور، لكنا لسنا ثواراً المشتقة من الثور نكسر الأشياء لكن الثوار المشتقة من التغيير الإيجابي، لذلك نظرتنا للإسلام تجديدية، ونظرتنا للمهدية تجديدية، ونظرتنا للنظام السياسي كذلك نظرة تجديدية، وسيصلكم إن شاء الله بيان واضح عن هذه التقدمية المؤصلة.
كذلك فإننا سنسعى لنتحالف مع غيرنا لأننا حتى ولو كان لدينا سند 80% فإننا نسعى للتحالف مع غيرنا، من هم هؤلاء الغير؟ هنالك اليمينيون الذين يغلبون التأصيل على التحديث، واليساريون الذين يغلبون التحديث على التأصيل، نحن سنجمع الذين يوفقون بين التأصيل والتحديث.
وفي ذلك سنجمع إلى حد كبير بالتوافق والحوار كل الذين رفعوا السلاح لأننا:
أولاً: لسنا ضد أهدافهم، ونعتقد أن أهدافهم كانت صحيحة، لكنا اختلفنا مع وسائلهم، فما دام هناك اتفاق على الأهداف، وهي: لا مركزية للولايات، قسمة عادلة للسلطة، قسمة عادلة للثروة، اعتراف بالتنوع الثقافي، واعتراف بحقوق الإنسان. فهي أشياء مطلوبة لهم ولنا، لذلك نقول لهم أول شيء بعد الحرب لا بد من وضع السلاح “أرضاً سلاح” فلا حاجة له الآن وكلنا متفقين على الاستجابة للمطالب.
ثانياً: نحن نوافق على أن المطالب هي إزالة الأسباب التي أدت للحرب، ولا توجد جهة الآن تمانع في ذلك، على هذا الأساس تعالوا وكونوا أحزاب لو أردتم، وأحزابكم لو أرادت أن تذهب لتختبر شعبيتها فلتذهب لتختبر شعبيتها، ونحن مستعدون أن نتعاون معها. وإن كنتم تريدون التحالف معنا فلا مانع، وإن أرادت أن تنضم لنا فلا مانع. المهم نحن سنخاطبهم بالتي هي أحسن، أولاً ليتخلوا عن السلاح، باعتبار أنهم الآن لا بد أن يدركوا أن هذه الثورة حققها الجهاد المدني، هذه الثورة تحققت عن طريق القوة الناعمة، صحيح أن الناس الذين قاموا بالقوة الخشنة استنزفوا النظام، وقاموا بأشياء كثيرة عزلت النظام، ولكن هذه الثورة ثورة حققتها القوة الناعمة. ولذلك من هذا المنطلق فإن خياركم الآن التخلي عن العسكرية لأن العسكرية “حوبتها انتهت”، وصار لا بد أن تصيروا سياسيين مدنيين، فمرحباً إن أردتم تكوين أحزابكم، ومرحباً إن أردتم التحالف معنا، ومرحباً إذا أردتم أن تندمجوا فينا على أساس المبادئ.
لقد قامت الحركات المسلحة في دارفور، وجنوب النيل الأزرق، وجنوب كردفان، وفي هذه المناطق وجودنا أغلبية، ومن يغالط سنريه. سنريهم أن دارفور وجنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق الأغلبية تقف معنا، لسبب واضح فحينما كنا في السلطة خاطبنا قضايا هذه المناطق، حتى أنني حينما كونت حكومتي هناك من ضحكوا علينا قالوا هل هذه حكومة أم قطر نيالا؟ وهل هذه حكومة أم سكن عشوائي؟ أي نحن أشركنا قطر نيالا والسكن العشوائي في السلطة لأن هذا حقهم، فهذا هو تسجيلنا في تلك المناطق.
ثالثاً: تسجيلنا أننا دافعنا عن حقوق هؤلاء الناس ودفعنا الثمن.
رابعاً: واضح تماماً لكم كلكم أننا على طول الفترة، وسأضرب مثلاً بزيارتنا لدارفور سنة 2004م، بعدها جئنا لأم درمان وعقدنا مؤتمراً صحفياً، قلنا فيه الآتي: ارتكبت جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، إما أن تقوم إجراءات عاجلة ترد للناس حقوقهم، أو أن الأمم المتحدة سوف تتدخل، وطبعاً لم ينتبه أحد في ذلك النظام لكلامنا، وبعد زيارتنا بأسابيع أرسل مجلس الأمن بعثة للتحقيق، وبناء على ذلك جاءت البعثة وقابلتنا وسألتنا وكلمناهم وتبنوا تصورنا للموقف، ورفعوا الأمر لمجلس الأمن الذي اتخذ القرار 1593 الذي بموجبه “كشوا” قياداة النظام للمحكمة الجنائية.
لقد كنا على طول الخط ماسكين القضية ومتابعنها.
ولم نهمل أخواننا في الجبهة الثورية، بل سعينا للكلام معهم وأصدرنا معهم “إعلان باريس” في أغسطس 2014م، أي أن موفقنا معهم كان واضحاً.
العرض لأخواننا حملة السلاح واضح وهو أن يتخلوا عن حمل السلاح لأن المرحلة الآتية مرحلة مدنية، وفي المرحلة المدنية يختاروا أن يعملوا أحزاب أو يتحالفوا معنا أو يندمجوا فينا.
إن على عاتقنا الآن واجب بناء الوطن لأن الوطن قد خرب. ونريد أن نعمل على بناء هذا الوطن.
هناك من يتكلم عن الثورة كأنها فقط التي بدأت في ديسمبر، ثورة ديسمبر هذه لها حواضن منذ قيام الانقلاب، فمنذ قيامه كنا ساعين للموقف ضد النظام، وفي المرحلة الآخيرة عندما جئت، لم يسأل الناس لماذا تحركت الثورة في 19 ديسمبر، صحيح أن ظروف الثورة نضجت في ذلك الوقت والأسباب المباشرة الظلامات في المعيشة، كذلك هي بدأت من الأقاليم وبعدها انتقلت للعاصمة، على كل حال نعتقد أن هذه الثورة كانت ثورة مباركة اشترك فيها الشعب السوداني، واشترك فيها بصورة أكبر الشباب السوداني. لأنهم الشباب الذين ضيع النظام مستقبلهم، فتح جامعات “طرشي” ففي أي مكان فيه مدرسة ثانوية أو مؤسسة أبحاث يضعوا عليها لافتة ويقولوا أنها جامعة بدون تحضير.
كانت هناك مقابلة شعبية حضرتها في الأحفاد، وكان حاضراً فيها الدكتور إبراهيم أحمد عمر الذي كان وراء ما سماها ثورة التعليم العالي، فقلت له بين الحضور: يا إبراهيم إنك تريد أن “تطعم” برميل ماء بملعقة سكر، “ما بتتعطم”! فقال لي: نعم هي ملعقة لكنها ملعقة مبروكة. فقلت له فليكن البيان بالعمل. والبيان بالعمل خرجوا خريجين كثيرين جداً لا يملكون التأهيل المناسب، وضيعوا التعليم المهني والتعليم الفني..الخ.
والآن رأينا أن يعقد مؤتمر للتعليم كله: التعليم العالي، والتعليم العام، والتعليم الفني وتعليم الخلاوي أيضاً، لننتقل إلى مرحلة جديدة. فلا بد من الإصلاح التعليمي.
هؤلاء الشباب ضيعوا مستقلبهم، وقد التقيت عدداً كبيراً جداً منهم في باريس وفي لندن وفي نيويورك، شباب فضل الموت في البحر على أن يعيش في الفقر والضياع في الخرطوم. هذا الشباب شعرت بأنه ضائع، ولذلك كتبت كتاب “أيها الجيل”وهو لمخاطبة هؤلاء الشباب الذي افتكرته قد ضاع خصوصاً وبعض الناس صار يقول إن الخرطوم مدينة مسطولة، لكن هذا الشباب فاجأ الجميع بأنه وبحمد الله جاء بعودة الروح، وأثبت ما أثبت من كفاءة.
المهم لا بد من مراجعة التعليم العام، والعالي، والفني في السودان، ولا بد من مخاطبة العطالة وسط الشباب، فهي مسألة مهمة جداً وقد ثبت لنا أن نسبة الزواج هي 25% فقط من الشباب المستحق للزواج، والطلاق نسبته وصلت 70%، وجزء مهم منه للحالة الاقتصادية وهكذا. أصبحت هناك ضرورة لأن نخاطب هذا الموضوع، لأنه لا يمكن يصبح الشعب السوداني شعب مطلقين ومطلقات.
هناك مؤتمرات لا بد من قيامها: مؤتمر التعليم، المؤتمرالاقتصادي لكي يواجه قضية المعيشة، لأن الحكومة الانتقالية ما لم تعالج مشكلة المعيشة فالناس سيسأمون منها ويثورون ضدها، لأنه واضح تماماً أن المعيشة تلعب دوراً مهماً في الحياة، ولذلك قدمنا للحكومة مصفوفة فيها الواجب عمله في المسألة الاقتصادية، والآن أكرر أن المسالة الاقتصادية محتاجة لإجراءات أساسية، والوقت هنا ضيق للكلام عنها تفصيلاً لكنها من التحديات. والحكومة الانتقالية أمامها تحديات منها: السلام، الاقتصاد والمعيشة، علاقات خارجية لا تقوم على التبعية لأي جهة وتقوم على أساس حرية القرار الوطني والتعامل مع الجميع بـ: نعادي من يعادينا ونصالح من يصالحنا. ومن مسؤوليات الحكومة الانتقالية مراجعة موقف الجامعات والتعليم ومسألة إنصاف المفصولين من الخدمة النظامية والخدمة المدنية.
وأهم نصر لكم أن الناس كانوا مكبوتين والآن الناس أحرار: يناقشوني أو يناقشوا غيري أو يناقشوا الحكومة، يقولوا كلامهم أحرار في بلدهم وهذا أكبر إنجاز. وإن شاء الله الحكومة في مراحلة المختلفة تقوم على أساس رضا الناس، وتزول حكومة حكم “أب تكو”.
الحكومة لا بد أن تكون هي قائمة على أربعة أشياء: المشاركة، والمساءلة، والشفافية، وسيادة حكم القانون. والبعض يعتقد أن هذا الكلام جديد، المدهش هذا هو الكلام الذي قاله أبو بكر الصديق عندما بويع رضي الله عنه قال الآتي: وُلِّيتُ عليكم ولست بخيركم (ولاية بشرية بمشاركة الناس في سقيفة بني ساعدة فهناك بايعوه بعد أن اقتنعوا بذلك، يعني الولاية بمشاركة الناس) فإِنْ أَحْسَنْتُ فَأَعِينُونِي وإِنْ أَسَأْتُ فَقَوِّمُوني (المساءلة) الصِدْقُ أمانةٌ والكَذِبُ خِيَانَةٌ (شفافية)، والضعيفُ فيكم قويٌّ عندي حتى أرجعَ إليه حقَّه إن شاء اللّه، والقويّ فيكم ضعيفٌ عندي حتى آخذَ الحقَّ منه (سيادة حكم القانون). هذه الأربعة التي يجب أن يتأسس عليها الحكم الراشد، بغيرها يكون الحكم غير راشد، وعلى هذا الأساس نسعى لأن تنطبق على الدستور القادم هذه المعاني الأربعة.
بعض الناس يتكلمون عن أهداف علمانية، وألا يدخل الدين في الشأن العام. ولكن ما هي الدولة؟ إنها أرض، وشعب، ومنظمات أو مؤسسات: مؤسسة تنفيذية، ومؤسسة تشريعية، ومؤسسة قضائية. الشعب عقيدته الدينية تدخل في مواقفه، إذن لا يمكن طرد رأي الشعب، كذلك التشريع والأحكام لمن تكون؟ إذا كانت أحكام لا يرضى عنها الشعب فلا تجدي، ولا بد من أحكام يرضى عنها الشعب.
نحن نقول الآتي: الوضع الصحيح التطلع للتعبير الإسلامي وليس تعبير الإنقاذ، فتعبير الإنقاذ ليس إسلامياً بل هو لعب بالدين، ولكن التعبير الصحيح أنه التطلع الإسلامي عليه الشروط الآتية:
أولاً: الموافقة على المساواة في حقوق المواطنة.
ثانياً: أن أي كلام لمن هم مثلنا ممن يريدون الالتزام بالإسلام لا بد أن الطريق له ديمقراطياً، ليس فوقياً ولا بالإكراه لأنه: (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ) . ونحن نقول إن المعادلة بين الدين والدولة سنتطرق لها إن شاء الله في المؤتمر القومي الدستوري، لكي توفق ما بين تطلعات الآخرين في ظل توافر حقوق الإنسان، وحرية الأديان، وحق من يريد الالتزام بعقيدته فليفعل ويتطلع لما يريد مع مراعاة المساواة في المواطنة.
إن ديننا ولله الحمد فيه فسحة لكل هذا، فالآديان الآخرى ليس فيها اعتراف بكرامة للإنسان من حيث، بينما لدينا فإن للإنسان من حيث كرامة (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ) كل بني آدم: أحمرنا، وأخضرنا وأصفرنا وأسودنا كلنا بني آدم، وكذلك ليس فقط بنو آدم عندنا متساوون في الكرامة، بل هم متساوون في الشرف، وكثيراً ما أكرر في مناسبات الزيجات أن البشر كلهم أشراف، لأن جدنا آدم نبي، فذريته كلها أشراف.
وعلى أي حال فإن ديننا يفهم ويقبل التنوع الثقافي، والتنوع الديني يعتبرهما جزءاً من تركيبة الخلق (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ) . فالتنوع ليس أمراً مذموماً بل هو أمر قدري وينبغي أن نبحث كيفية التعايش في ظله.
إننا الآن ساعون للتأسيس الرابع لحزب الأمة، وفيه إصلاحات جديدة أساسية، وكذلك هيئة شئون الأنصار سيكون أيضاً فيها التأسيس الثاني، وفي الحالتين نريد لمؤسسة حزب الأمة ومؤسسة هيئة شئون الأنصار أن تكونا منفصلتين عن بعضهما، هذه مؤسسة دعوة وهذه مؤسسة سياسة، وفي الحالتين سنهتم بأن تكون هذه المؤسسات خدمية تعنى بالتعليم وبالصحة وبالتخديم للناس إلى آخر هذه المعاني، هذه ستكون إن شاء الله في التأسيس الثاني لهيئة شئون الأنصار، وفي التأسيس الرابع لحزب الأمة.
سنعمل على أن نخوض الفترة الانتقالية هذه بسلام، وسنعمل على إن يوضع دستور لا كالتجربة الماضية، بل دستور يستفيد من تجارب الماضي نسميه دستور توفيقي لا مغالبة حتى نستطيع أن نجمع أكبر كلمة من الناس في بناء الوطن، فهذا الدستور الذي سيكون إن شاء الله.
هيئة شئون الأنصار كذلك ستعمل على تجديد العمل على أساس أننا سنقدم إن شاء الله تجديداً دينياً لا يقوم على التقليد، بل يقوم على الاجتهاد الذي يراعي متغيرات الزمن كما قال الإمام المهدي عليه السلام “لكل وقت ومقام حال ولكل زمان وأوان رجال”.
وفيما يتعلق بحزب الأمة أيضاً التقدمية المؤصلة ستراعي إن شاء الله كل المستجدات ونطرح البطاقة الفكرية التي تبين هذا الكلام، وستصلكم إن شاء الله.
أشكركم على حسن الاستقبال وعلى حسن الاستماع وأرجو أن يتصل التواصل بيننا عبر التنظيمات المختلفة، اشكركم وسلموا على الآخرين وبلغوهم شكرنا وليجمع الله شملنا.

والسلام عليكم ورحمة الله،

ملحوظة: القي الخطاب شفاهة وقام المكتب الخاص للإمام الصادق المهدي بتفريغه من التسجيل الصوتي.

شارك:

منشور له صلة

الاسبوع السياسي التعبوي

الاسبوع السياسي التعبوي

حزب الامة القومي ولاية جنوب دارفور الاسبوع السياسي التعبوي الله أكبر ولله الحمد انطلق ظهر اليوم السبت الاسبوع السياسي التعبوي لحزب الامة القومي...

قراءة المزيد