تجميع المعارضة لا يعني أن يبيع حزب الأُمة رقبته وقوى سياسية تسعى لتذويبه في تنظيمات هلامية ..
السودان يمر بأخطر مرحلة والمواطن بحالة نفسية افقدته القدرة على التخيل..
هنالك من وصلت مرتباتهم الى (10) آلاف دولار في وقت الناس عايشين على (بلاطة)!..
أمريكا لعبت بالحكومة والمعارضة ومصالحها هي التي تحدد مواقفها من اي نظام..
استمرار النظام ادى للفشل ومشاكل السودان لن تحل بخبير اجنبي..
حوار : حنان عيسى تصوير : الطاهر ابراهيم
اكثر من عباءة يمكن من خلالها إجراء حوار مع نائب رئيس حزب الأُمة القومي د.ابراهيم الأمين عبد القادر عباءة البُعد الفكري والسياسي وفي ذات الوقت البُعد التنفيذي وقد نجح في الأمانة العامة لحزب الأُمة لحد كبير وتجربته في الحزب كمعارض برزت في وحدة حزب الأُمة وبوجوده في الجامعات تجربة يشار إليها بالبنان، ورمى بسهم كمفكر في معالجة خلافات حزب الامة واستطاع ان يمسح الجراحات ويتخطى كل نقاط الخلافات ورغم خلافاته مع السيد الصادق المهدي رئيس الحزب لكن اطار المحبة ظل مدودا بينهما و هو الآن نائب رئيس حزب الأُمة القومي ونائب الرئيس للشؤون الفكرية و له آرائه الخاصة في كل القضايا المطروحة في الساحة و اسهامات واضحة جعلت الشباب يلتف حوله .
كيف تقرأ المشهد السياسي ؟
حقيقة يمر السودان الآن بمرحلة هي الأخطر في تاريخه الحديث وقد فقد الناس الثقة في انفسهم وفي البلد والنخب وفي الأحزاب السياسية عموما نتيجة لما يعانوه في الحياة على مستوى المعيشة والتعليم والصحة بالإضافة إلى السلطة التي تعتبر السبب المباشر لكل ما يحدث في السودان وعندما يشعر الناس أن دولتهم فقدت الهيبة والقدرة على توفير الحماية المطلوبة ودائما هي الحلقة الأضعف في تعاملها الخارجي لدرجة أن مصالح السودان اصبح يتم التلاعب بها سواء كان على المستوى الإقليمي أوالدولي، ونتيجة لذلك يعيش الناس حالة نفسية لدرجة انهم فقدوا القدرة على تخيل ماذا يمكن ان يحدث غدا في السودان .
هنالك تغييرات تمت في هيكل الدولة من بينها التشكيل الوزاري الجديد كيف تقرأ مصير هذا التشكيل ؟.
حكومة الإنقاذ خطها واضح جدا وهي من اول يوم بنت استراتجياتها على إعادة صياغة المواطن السوداني بالصورة التي تمكِّن شريحة ضيقة من المواطنين من كل شئ وهو ما نتجت عنه فكرة التمكين التي يقابلها في الطرف الآخر الهدم لكل مؤسسات الدولة الأساسية وهي مسؤولة عن هذا الهدم لجهة أن الفكرة قائمة على كيفية توفير بيئة وامكانيات لمن ينتمون للنظام وكيف تُفقر من يفكر أن يكوِّن مساراً مختلفاً عن النخبة الحاكمة وبالتالي نلاحظ أن كل الرأسمالية فقدت كل ماتملك وكل الناس الذين كانت لديهم إسهامات اما هاجرت أو انها تعيش في ظروف فقر صعبة جدا في وقت وفرت فيه كل شئ لمن ينتمون لهم لدرجة أن الوظيفة تفصل على احتياج المنتمين للنظام وهو مايفسر حالة التضخم والورم
كل ذلك رغم الحديث عن اصلاح الدولة ؟
نعم وفي مرحلة من المراحل تكلموا عن الخبير الوطني بمرتب لا علاقة له بواقع السودان يساوى الآلاف الدولارات وقد اعترف بها الحاج ادم في لقاء تلفزيوني حيث قال هنالك ناس في السودان يتقاضوا مرتب يساوي (10)الف دولار في وقت نجد مرتب الموظف في أعلى درجات الخدمة المدنية لا يكفي سوى لعدة أيام!، وهذه السياسة وصلت الآن إلى منتهاها و أدت لتآكل كل مؤسسات الدولة والناس الآن عايشين على (بلاطة)!.
طيب ماهو المخرج ؟
مهما عمل هذا النظام بشكله الحالي من اصلاحات ومحاولة لإستجداء بعض الأطراف أو الدخول في تحالفات تكتيكية مع دول اقليمية لا يستطيع أن يحل مشاكل السودان لكونها وصلت الى مرحلة من التعقيد لا يمكن أن تحل إلا في إطار تغيير شامل في طريقة التفكير حول القضايا العامة وان لا يسمح لأي مواطن مهما كان موقعه بالتلاعب بمقدرات البلد وفي الأموال العامة وهذا لن يتم إلا في ظل حكومة مسؤولة تلتزم بحماية مصالح السودان .
لكن الحكومة الآن بدأت الإنفتاح على الآخرين خاصة الولايات المتحدة الأمريكية ؟
انفتاح الحكومة مبني على أساس كيفية تهيئة البيئة الداخلية خلال الفترة القادمة لانتخاب الرئيس لرئاسة الجمهورية وبناء على هذا تم الحوار الذي لم يلتزم المؤتمر الوطني به رغم الإشادات التي وجدها وحول مخرجاته، الى تكوين حكومة نتيجة محاصصة وتستمر في ذات السياسات التي يفرضها المؤتمر الوطني على الآخرين، فكل من شارك في الحكومة السابقة والحالية هم مجرد صدى لما يقرره المؤتمر الوطني ،وبعد فترة شعر بان الحكومة بشكلها الذي تكونت به لا يمكن ان تستمر خاصة بعد ظهور الوعي بالحقوق في مناطق كثيرة ودرجة كبيرة من المعارضة حتى من داخل الذين شاركوا في الحوار وبالتالي اضطر الى ان يعدل .
هل لمست وجه اختلاف بين الحكومين ؟
الحكومة الجديدة هي شبيهة بالسابقة لجهة ان المؤتمر الوطني يريد فقط بالتكوين الاستعداد للانتخابات ولذلك حددت الحكومة بفترة الانتخابات ولتمكين المؤتمر الوطني اتفقوا على تعديل الدستور بالصورة التي تمكن الرئيس بأن تكون لديه صلاحيات غير محدودة منها تعديل قانون الأمن الوطني وتعيين الولاة وقد اثبتت التجربة بأن الوالي المعين هو امتداد لرئيس الجمهورية كما تمثل النقابات والطلاب والخدمة المدنية أذرع للوطني وهي القضية الجوهرية التي تشغل حلفاء المؤتمر الوطني اللذين من مصلحتهم استمرار هذا النظام وقطعا فان استمراره بشكله الحالي او بالتعديلات الشكلانية يعني مزيد من المعاناة للمواطن والوطن وبالتالي فان التغيير لابد ان يكون باستشراف المستقبل بمرحلة انتقالية جديدة تحتكم لسيادة القانون وتهتم بقضايا المواطن واخراج السودان من النفق الذي يعيش فيه الان .
اين دور المعارضة من هذه المعضلة ؟
لا يوجد ادني شك بأن تتحمل المعارضة جزءا كبيرا من الحالة التي يعيش فيها الشعب السوداني الآن، ولا يمكن في مثل هذه الظروف التي تمر بها البلاد وفي ظل التخريب نجد المعارضة مفككة لأسباب ليس لها علاقة بالمصلحة العامة وقد يكون الدافع اجندة او خلافات شخصية لم تستطع ان توحد الصف المعارض بالصورة التي تمكنها ان تشكل نقطة تحول أساسية في المسار السوداني في المرحلة القادمة ومالم يحاول كل المنتمين للمعارضة التخلي عن خلافاتهم غير المبررة والوقوف خلف هدف واحد وهو إحداث السلام في السودان والتحول الديمقراطي الحقيقي وهذا يعني ان يفرز الشعب قيادات جديدة على مستوى من الكفاءة والقدرة والوطنية تسمح لهم بتولي عملية المقاومة والتغيير وعملية ادارة البلاد يصورة مختلفة والمواطن السوداني اليوم في حالة لا تسمح له بأن تتحدث المعارضة عن خلافاتها .
واضح ان الحكومة تعول على الحوار الثنائي مع الولايات المتحدة لإحداث تغيير لصالح المسألة لاقتصادية؟
من المؤسف ان كثير من الاشخاص سواء في المعارضة او الحكومة يتحدثون عن امريكا وهي ليست مع أي طرف من الأطراف بل هي مع مصالحها وبالتالي لامريكا اكثر من رأي ومصالحها هي التي تحدد موقفها من اي نظام ،وفي حالة الانقاذ نجد انها تتكلم مع الحكومة على أساس انها لا تسعى لتغيير النظام ولكن تحسين سلوك المواطن وفي ذات الوقت كانت تقول للمعارضة بأنها هي تسعى لتغيير النظام حنى اقتنعت الحكومة بأنه من الممكن ان يتعامل هذا النظام معها واقتنعت المعارضة بان امريكا راغبة في تغيير النظام وبالتالي لعبت بالحكومة وبالمعارضة وترى ان النظام بشكله الحالي يتيح لها الفرصة لتمرير كل سياساتها في المنطقة وبالتالي هي تريد ان تستخدم النظام لمصالحها وليس للشعب السوداني وحديثهم عن السلام ايضا مربوط بشكل اساسي بمصالحهم ولكن للأسف استمرار النظام ادى لفشل كبير في السودان وادى لإنفصال الجنوب والان يتحدثون عن صيغة جديدة ولكن مالم يكن المحرك لها هو الشعب السوداني قطعا لا يمكن ان تحل مشاكل السودان بخبير اجنبي.
الولايات المتحدة تتعامل مع السودان كجغرافية وليس كشعب ؟
نعم فالولايات المتحدة سياساتها في المنطقة كلها فاشلة فهي قد سلمت العراق على طبق من ذهب للايرانيين وكانت في اضعف حالاتها في العراق وقبل ايام سحبت قنصليتها في البصرة لجهة ان الهجوم كان عليها كثير والان هي اضعف المكونات الاجنبية التي تتعامل مع سوريا بعد دخول الروس وفي مرحلة من المراحل حددت الولايات المتحدة في زمن اوباما بانها سوف تستخدم القوى المسلحة والان تراجعت ، وفي البحر الاحمر اصبح المجال مفتوح حتى لليابان والصين بالاضافة الى اسرائيل وبالتالي السودان جزء من اهتمامها بالبحر الاحمر وبالتالي تبحث عن معادلة تجعل الموجودين في السودان على قدر كبير جدا من الضعف الذي يمكنها تمرير سياساتها وما يحدث في ملف حقوق الانسان، هي لم تدفع في ملف حقوق الانسان وهنالك اطراف اخرى تسخدم سياسة العصا والجزرة.
كيف تفسر وجود سفارة بهذا الحجم للولايات المتحدة في السودان ؟
تؤكد ان ثقتهم في النظام مهزوزة وبالتالي هم عملوا سفارة بهذا الحجم تماثل سفارتهم في العراق ولكن في ذات الوقت يديرها القائم بالأعمال واصبحت واحدة من القضايا التي يطالب بها السودان إعادة السفير وهي شكلية ولكن تعمل تحت مظلة اقل بكثير من الدور الذي تقوم به السفارة في الخرطوم وفي نفس الوقت تعطي رواق أمل في اعادة السفارة .
قوى المعارضة والقائم بالأعمال الامريكي اتفقوا بأن يكونوا جزءا من اجندة السلام في الحوار الثنائي بين الخرطوم وواشنطن ؟
العمل المعارض يجب ان يكون أساسه في الداخل لانه لا توجد دولة في الخارج تقدم مساعدة مالم تشوف مصالحها أولاً، كثير من دول الاقليم اصبحت محكومة بأنظمة تتحكم فيها اجهزة الأمن والمخابرات وهي تتعامل مع الأنظمة الشبيهة لها سواء كان في افريقيا او الشرق الأوسط وبالتالي لا تقبل بأي عمل معارض فيه مساس مباشر بعلاقاتها مع حكومة السودان وهذا يؤكده وقوف الدول الإفريقية والإسلامية والعربية موقف واحد فيما يخص قضية حقوق الإنسان في السودان وبالتالي الكلام الذي يقال مع المعارضة له وجهين وكله ينصب في السلام والآن هم يتكلموا مع التجمع بلغة مختلفة عن نداء السودان ومختلفة عن اللغة مع الحركات المسلحة التي هي ضد نداء السودان بالصورة التي تخدم مصالحهم ومن حقهم ولكن يفترض أن نفهم نحن بأنه لا مخرج إلا بتوحيد الجبهة الداخلية وقوى التغيير وان تعالج التنظيمات السياسية خاصة المعارضة خلافاتها وفي حزب الأُمة نتحدث عن بناء الذات والتواصل مع القواعد بالصورة التي تمكن أن يكون حزب الأُمة في موقف يتسق مع تاريخه مع دوره بجانب السعي لتوحيد قوى التغيير ونفكر بصورة جدية في طرح مشروع تنموي اختراقي يركز على التنمية بأبعادها المختلفة.
وحدة المعارضة في هذه الظروف هل ممكنة ؟
اذا المعارضة لم توحد نفسها بالصورة التي فعلا تمكنها من لعب دور ايجابي في التغيير انا افتكر انها حرمت نفسها من يكون لها أي مستقبل في هذا البلد ، ليست مبارة بين المناضلين والحكومة فهنالك قاعدة عريضة لا علاقة لها بالأحزاب القائمة وهنالك شباب لديه رؤية في هذه الأحزاب وبالتالي لابد أن نكسب غير المنتمين ونقدم مبادرة ليست لتوحيد المعارضة فحسب ولكن تبلور مشروع لكل السودانيين المنتظرين عمل حقيقي يؤدي إلى التغيير ويبني السودان بصورة تمكن اي مواطن من أن يعيش حياة كريمة في وطنه .
بماذا ينشغل حزب الأُمة الآن ؟
القضية الاساسية اولا بناء التنظيم على أسس واضحة ثم توحيد المعارضة وعرض المشروع لتكوين رأي عام قوي على اساس انه يمكن من المعارضة بالصورة التي تمكن من حدوث تحول في نظام الحكم في البلاد من لا ديمقراطي الى نظام ديمقراطي .
حزب الأُمة ظل على الدوام يحرك في مسألة تجميع المعارضة ؟
لا يعني تجميع المعارضة أن يبيع حزب الأُمة (رقبته) و هنالك كثير من القوى السياسية التي تشكل معارضة تسعى لتذويب حزب الأُمة في تنظيمات هلامية وهذا ليس في صالحه ونحنا مع كل المعارضين ونحترم اي حزب سياسي لكن حزب الأُمة هو حزب الأُمة ويجب أن يعتمد في المقام الأول على قواعده.
في اطار الحديث هنا وهناك مازال حزب الأمه يصيبه الفتور بسبب مواقف البعض ؟
الحزب الآن يسعى للم الشمل لكل المنتمين لحزب الأمه والزعلانين والذين ابتعدوا والحزب لديه فرصة اكثر من اي حزب آخر إذا استطاع أن يحسم كل الخلافات التي يعاني منها وهي خلافات شخصية لا قيمة لها شغلت الناس عن القضايا الجوهرية وافتكر أن هنالك عمل كبير يمضي الآن في هذا الاتجاه بالاضافة الى التركيز على الشباب خلال الفترة القادمة واذا كان هنالك خلافات فهي ناتجة عن تدخل بعض الأطراف التي خلقت( كويمات) وسط الشباب الذين ادعوهم لعدم التفريط في قضيتهم من اجل خاطر اي شخص ويجب أن يكون التفافهم حول فكرة.