كل من شهد لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي في المحطة الأمريكية الكبرى (CNN) شهدوا كيف أن مذنباً يريد أن يصرف النظر عن ذنبه ليلفت النظر إلى ذنب غيره من باب رمتني بدائها وانسلت.
امتنع نتنياهو من الرد على سؤال هل تملك إسرائيل أسلحة نووية؟ والجميع يعلم أن إسرائيل لم توقع على معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، وهي تملك أكثر من مائتي رأس نووي، وأنها في حربها على لبنان استخدمت سلاحاً نووياً تكتيكياً.
إن المهزلة التي قدمها رئيس الوزراء الإسرائيلي بهدف الكشف عن وجود عمل نووي إيراني سري خطة منسقة لكي تبرر للرئيس الأمريكي الانسحاب من الاتفاق الذي أبرمته الدول الست مع إيران في 2015م.
كل عمل سوف يحقق عكس مقاصده باطل. نتيجة هذا الإجراء انسحاب إيران من الاتفاق، وستكون النتيجة أن تواصل إيران نشاطها النووي حتى إذا لم تنسحب من توقيعها على معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية ما يمكن أن يتفاعل حتى يؤدي لحرب أخرى في منطقتنا. أو أن تستمر وتزداد المواجهات المسلحة بالوكالة في المنطقة ما سوف يؤدي لاضطرابات تكون ضحيتها نظم كثيرة في المنطقة.
هذه النتائج سيرحب بها أصحاب أجندة تفتيت المنطقة ما تكون نتيجته أن دول المنطقة المقسمة أصلاً سوف تقسم مرة أخرى بعضها لثلاثة دويلات وبعضها لخمس.
عندما احتدمت الحرب العراقية الإيرانية قال الرئيس الأمريكي الأسبق نيكسون في كتابة “نصر بلا حرب” أن هذه الحرب هي غاية المنى وحبذا أن تستمر دون انتصار أحد طرفيها. أمل عبر عنه بصورة أخرى كيسينجر في مذكراته. أي أن المراد لمنطقتنا أن تشتبك في مزيد من الحروب تحقيقاً لأماني كل من يريد بها شراً، مؤكداً أن الحضارة الغربية لا يمكن أن تأمن المسلمين وخير لها أن يدمر بعضهم بعضاً كما ظل يقول برنارد لويس الذي قرأنا كتاباته المؤسسة الحقيقية للاسلاموفوبيا والذي سمعته محاضراً في أكسفورد في عام 1956م قبيل أزمة السويس يقول إن الإسلام أعدى للغرب من الشيوعية.
الرئيس الأمريكي لن ينجو من ملاحقة المؤسسات الأمريكية والشعب الأمريكي له. ولكنه هرباً من هذا المصير ربما زج بعالمنا كله إلى جحيم حرب (لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ)[1]. وحليفه نتنياهو نفسه تلاحقه الأجندة الحقانية الإسرائيلية وهرباً من هذا المصير يستعجل إشعال المنطقة.
لا يوقف هذه التدابير الشيطانية إلا ثلاثة أمور:
الأول: أن تمارس وكالة الطاقة النووية واجبها الشرعي، وهو أن مصلحة الشرق الأوسط والعالم الخلو من السلاح النووي، وأن على إسرائيل أن توقع على المعاهدة الدولية، وأن تتخلى عن سلاحها النووي، وأن تخضع جميع دول المنطقة لرقابة لصيقة لمنع انتشار السلاح النووي في الشرق الأوسط.
الثاني: أن تعلن الدول الخمس الأخرى وهي روسيا، الصين، وألمانيا، وبريطانيا، وفرنسا، والاتحاد الأوربي دعمها لموقف الوكالة الدولية.
الثالث: وهو الأهم أن تجتمع قمة عربية وتجمع على أمرين: الأول: تكليف مجلس حكماء إسلامي/ عربي لاقتراح ميثاق صلح بين أهل السنة والشيعة يضع حداً نهائياً لاحتراب استمر ساخناً وبارداً منذ صفين. والثاني: رفع غصن زيتون أخضر لتعايش سلمي عربي، إيراني، تركي؛ تعايش باستحقاقات أمنية محددة.
ما لم يحدث هذا فإننا إنما ننفذ بأيدينا مطالب من أهدروا دمنا.
5/5/2018