ان موجة غلاء المعيشة التي عانى منها المواطن السوداني على مر سنوات نظام الإنقاذ، اصبحت روتينا اعتياديا للشعب، منذ أن حول النظام دولة الرعاية إلى دولة جباية، وبالتالي أصبح المواطن يتحمل عجز موازنة النظام في كل عام، ولكن هذه المرة الشعب أمام تسونامي الغلاء، حيث بلغت الأسعار ذروتها، بعد أن أجاز برلمان النظام موازنة 2018، بالتأكيد فإن الناظر للموازنة يدرك تماما فشل النظام اقتصاديا كما فشل سياسيا وامنيا، فقد اعتمدت الميزانية على افتراض تزايد طلب المواطن على السلع والخدمات الضرورية رغم زياداته السابقة، وفشله في استقطاب الاستثمار، وإيجاد بدائل اقتصادية، وتجرده من أسطوانة العقوبات المشروخة، مما جعله ينفذ مباشرة إلى تضييق معاش الناس لإنقاذ موازنته المعجزة أصلا.
ان النظام طرح ميزانيته للعام 2018 وهي لا تختلف شيئا عن 28 سنة عجاف من الميزانيات التي تولي حروبه والصرف على أمنه الأهمية القصوى على حساب حياة شعبنا وعلاجه وتعليمه وتنميته.
إن تجرؤ النظام على زيادة الدولار الجمركي وتحرير سعر القمح والسلع الغذائية الاخري مع تذبذب في أسعار الصرف والعجز الكبير في الميزان التجاري واستهدافه للخبز طعام السودانيين، يمثل استهداف سافر للمواطن وتجاوز للخط الأحمر، فهل سيدفع المواطن فاتورة الفشل والفساد والاستبداد؟!.
وازاء هذه الكارثة المعيشية الحقيقية التي يتعرض لها شعبنا فإن حزب الأمة القومي يقول بوضوح:
أولا: إننا في حزب اﻷمة القومي نرفض هذه الميزانية قولا وفعلا، وندعو جماهير حزبنا وكل القوى ذات المصلحة في التغيير لمقاومتها بكل الوسائل السلمية ليس لأنها تؤثر بصورة مباشرة على قدرة المواطن الشرائية المتدهورة أصلا وإنما لوقف عبث النظام واستخفافه بالشعب، وإننا نرى أن الوضع الراهن لا يمكن أن يستمر أبدا مهما كانت التضحيات، فقد بلغت الروح الحلقوم، ولابد من نظام جديد يضع هذا الشعب نصب عينه.. ويولي رفاه الناس أولويته القصوى.. نعم لرفع المعاناة عن كاهل الشعب.
ثانيا: أن هذه الموازنة المتخبطة في هذا الظرف الحرج، تؤكد ما ظل يردده الحزب بأن بلادنا تعاني من غياب الحوكمة والإدارة السياسية والاقتصادية ويتحكم فيها نظام جُبل على التفريط في كل مكتسبات الوطن مقابل إرضاء جشع رموزه، وقد بلغ الأمر حد التأزم والمواجهات داخل النظام نفسه ليس من اجل تخفيف معاناة المواطن وإنما في سبيل تصفية حساباتهم فيما بينهم على حساب الشعب السوداني.
ثالثا: لقد شخص حزب الأمة القومي في المؤتمر الاقتصادي القومي الذي عقده في 2011م أصل الداء الاقتصادي ووضع أسس الحل بضرورة الاتفاق على العلاج بشكل قومي بما يحقق دولة الرعاية ويزيل الفساد ويصحح أولويات الصرف الخاطئة، مع التأكيد على ضرورة حاضن سياسي قومي، وظل الحزب يشخص التخبطات الاقتصادية على ضوء استراتيجيته هذه، وعليه سوف يصدر الحزب موقفه الاقتصادي في هذه الموازنة قريبا وخطواته اللازمة لمواجهته.
رابعا: يشدد الحزب على أن هذا النظام قد استنزف مبررات وجوده لقصور أدائه في كافة المجالات، وخلو معينه من أي انجازات حقيقية، عدا قدرته على القهر والقمع ورفع الأسعار، مع استمرار عجز موازنته وبث الهلع والخوف وفقدان الأمل وسط السودانيين، مما يزيد تكلفة بقائه، فليس أمام شعبنا وقواه السياسية خيارا إلا مواجهته ومقاومته وإسقاط سياساته لصالح نظام جديد ينهي هذه الحقبة المظلمة، وعليه فإن حزب الأمة القومي يدعو كل القوى السياسية إلى نداء الخلاص الوطني. واذ يُجدد الحزب موقفه الرافض استهداف الوطن والمواطن والداعم لتطلعات شعبنا المشروعة في الحرية والديمقراطية والعيش الكريم، يدعو جميع القوى ذات المصلحة في التغيير إلى وحدة العمل المعارض اليوم قبل الغد، ويدعو جميع منسوبيه إلى الاصطفاف ضد الإفقار، كما يدعو جميع أبناء الشعب السوداني العظيم لمقابلة هذه اﻹجراءات بمزيد من التوحد من أجل خلاص الوطن.
4 يناير 2018
دار الأمة