رحب المكتب السياسي في اجتماع السبت 7/10/2017 بتأكيد الإدارة الأمريكية الجديدة على الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس اوباما في يناير 2017م، واعتبر المكتب ان الإجراء يعتبر خطوة مهمة في خارطة طريق استعادة العلاقات وتطبيعها مع الولايات المتحدة والمجتمع الدولى. ويؤكد المكتب ان هذه الخطوة ستظل محدودة الأثر مالم تعقبها خطوات أخرى تزيل ما تبقى من عقوبات على البلاد . ولتوضيح الأمر نود ان نذكر الآتي :
1. تكبل البلاد منظومة عقوبات، نجملها فيما يلي:
أ. عقوبات مفروضة بأربعة أوامر تنفيذية من الرئيس الأمريكي. هذه تم رفعها منذ يناير 2017م بأمر مؤقت، وتم التأكيد على رفعها الآن. رفعها يسمح بالتحويلات والتعامل المصرفى، والتجارة بين أمريكا والسودان.
ب. عقوبات مفروضة بثلاثة قوانين من الكونجرس الأمريكي، رفعها ليس بيد الرئيس الأمريكي و يتطلب موافقة الكونجرس، اضافة لقرار ضم السودان لقائمة الدول التي تدعم الإرهاب. هذه العقوبات هذه العقوبات أثرها كبير لان رفعها من الاشتراطات المهمة لإعفاء الديون، وبالتالي منح القروض التنموية الميسرة.
ت. عقوبات مفروضة من الأمم المتحدة، بعشرات القرارات من مجلس الأمن تحت الفصل السابع. وهذه تعيق كل أنواع التعاون مع المجتمع الدولي.
2. منظومة العقوبات المذكورة، تؤثر سلبا على اقتصاد البلاد؛ ولكن الاقتصاد تكبله عدة مشاكل باكثر مما تفعل منظومة العقوبات. أهم هذه المشاكل العجز الكبير في الإيراد السنوي ومن عائد الصادر. العجز سببه انفلات الصرف لترهل الظل الإداري للدولة، والفساد الغير مسبوق، وسياسة التمكين. وسببه شح الإيرادات لتدني الإنتاج للسوق المحلى وللصادر. الحكومة تغطى عجز العملة المحلية بالطباعة بلا غطاء، مما يرفع التضخم ويزيد الاسعار. وتغطى جزءا من عجز العملة الصعبة البالغ 65% من السوق الموازي، مما يرفع التضخم والاسعار. الإجراءان يؤديان لتشويه الاقتصاد، ولتدهور الحالة المعيشية للمواطنين.
3. خطوة رفع عقوبات الأوامر التنفيذية جاءت نتيجة لالتزام الحكومة بالمسارات الخمسة. هذه المسارات تتضمن جوانب ايجابية للبلاد أهمها الالتزام بوقف العدائيات في مناطق النزاع في السودان، وانسياب المساعدات الإنسانية، والعمل على استقرار دولة جنوب السودان وتحسين الأمن الإقليمي.
هذه الخطوة أثرها محدود جدا على اقتصاد البلاد، بالنظر لحلقات العقوبات الاشد والتي مازالت تطوق اقتصاد البلاد، وبالنظر للمشاكل البنيوية الذاتية التي يعاني منها اقتصاد البلاد. ولكن قيمة الخطوة تكمن في أنها أنهت عقود من المكابرة، وفتحت الطريق أمام تطبيع علاقات البلاد الدولية.
4. التقدم للأمام مع الولايات المتحدة لرفع باقى حلقات العقوبات القائمة سيشمل قضايا هامة للبلاد اهمها السلام المستدام في السودان وحقوق الإنسان والحريات والتحول الديمقراطي. الإدارة الأمريكية تتمتع بهامش حركة واسع فيما يخص عقوبات الأوامر التنفيذية؛ ولكن بالنسبة للكونجرس الأمريكي فالأمر مختلف لأنه يتأثر بعدة عوامل تتحرك في فضاء السياسة الأمريكية. من هذه العوامل لوبيات الضغط، والمنظمات الحقوقية، وقرارات المحاكم الأمريكية، والقرارات الأممية ضد السودان.جدير بالذكر ان الرصيد السالب لحكومة السودان في القرارات الماضية سيفعل هذه العوامل ويقوى أثرها في إضفاء صعوبة على خطوات التقدم. ايضا هناك الغرامات التي فرضتها المحاكم الأمريكية على السودان؛ منها غرامة محكمة ضحايا تفجير المدمدرة الأمريكية كول بمبلغ 300 مليون$، وغرامة محكمة ضحايا تفجير السفارة الأمريكية بنيروبى ودار السام بمبلغ 7.5بليون $. هذه مبالغ ضخمة، فالرصيد المحجوز في البنوك الأمريكية فقط 30 مليون$.
5. الخطوة المذكورة فتحت باب فرصة للبلاد للتقدم في ملف العلاقات الخارجية والسياسات الداخلية. على النظام الجدية في الاستفادة منها، ليس فقط بالتفاهم الثنائي مع أمريكا، ولكن بالتوافق الداخلى مع معارضيه الذين يجمعهم تحالف نداء السودان، ولا يكتفى بتوزيع المناصب والاتاوات على حوارييه. في حواره الذي اعلن بنهايته مؤخرا.
هذا مهم جدا لأن التوافق مع المعارضين يحقق السلام والاصلاح السياسي والاقتصادي ويحسن بيئة الحكم. وهذه كلها مطلوبة للتقدم مع أمريكا. فأمريكا لا تستطيع التطبيع الكامل مع حكومة السودان بدون الاصلاحات المذكورة. مثال على ذلك ما حدث في 2005م، في يناير تم توقيع اتفاق السلام الشامل برعاية وتحكيم أمريكي، وتلقت حكومة السودان وعودا برفع العقوبات والازالة من قائمة الإرهاب وإعفاء الديون. لكن اللوبيات والمنظمات نشطت في استنكار الدور الأمريكي المذكور في ظل المعاناة الإنسانية الشديدة التي توقعها حكومة السودان على أهل دارفور. هذا نسف الوعود الأمريكية، وجعل الإدارة الأمريكية تتبنى استصدار القرار 1593 تحت الفصل السابع والذي احال انتهاكات دارفور للمحكمة الجنائية الدولية في مارس 2005م.
6. نكرر ترحيبنا بالخطوة الأمريكية، ونذكر بان السياسات الخاطئة اضاعت على البلاد والعباد عقدين فيما لا طائل من ورائه. والآن يجب التركيز بشكل كبير على التوافق الداخلى وقضايا السلام وحقوق الإنسان والحريات والتحول الديمقراطي، لوضع اساس متين يؤهل البلاد للتخلص من كل العقوبات المفروضة الأمريكية والأممية، ولتطبيع العلاقات مع كل الأسرة الدولية
حزب الأمة القومي