مقدمة:
سأحاول في هذه الورقة الإجابة علي أربعة أسئلة بشي من التفصيل وهي:
أولاً: كيف كنا؟
1. خصائص ومميزات المجتمع السوداني في الجانب الاجتماعي والديني.
2. مرجعية وأسباب وممسكات هذه الخصائص.
3. مظاهر سالبة في سلوك الشخصية السودانية.
ثانياً: ما هو واقعنا الآن؟
1. تغيرات المشهد الاجتماعي.
2. تغيرات المشهد الديني.
ثالثاً: ما الذي حدث؟
1. العوامل السياسية.
2. العوامل الاقتصادية.
3. العوامل البيئية.
4. العوامل الاجتماعية.
5. العوامل الدينية.
6. النظام التعليمي.
رابعاً: ماذا نحن فاعلون؟
1. ما هو المطلوب عمله للخروج من الأزمة الراهنة؟
2. كيفية مواجهة النظام علي المستوي الفكري والإعلامي والاجتماعي والسياسي.
أولاً: خصائص ومميزات المجتمع السوداني:
تميز السودانيون بخصائص انفردوا بـها دون سواهم من المجتمعات المجاورة مثل:
1. في الجانب الدينـي:
1. الوسيطة وعدم الغلو والتطرف مع الالتزام بالشعائر الدينية.
2. التعايش مع الآخر الملي والانفتاح عليه.
3. انعكاس اثر الدين في سلوك المجتمع.
هذه الخصائص جاءت نتيجة للطريقة التي دخل بها الإسلام الي السودان، لم يدخل فتحاً بل انساب في المجتمع انسيابا سلساً عن طريق الدعاة والتجار والهجرات المتبادلة.
كما أن للطرق الصوفية في نسختها الأولى دور أساسي في التسامح الديني والزهد ونشر تعاليم الإسلام.
كذلك سبق المجتمع الدولة في الانتقال من المسيحية إلي الإسلام مما جعل الدين سلوك مجتمع قبل أن يكون سلوك سلطان.
2. في الجانب الاجتماعي:
1. الترابط والتواصل الاجتماعي.
2. التكافل والتراحم.
3. الأسرة الممتدة.
4. ولاية الكبير.
5. السكن المفتوح.
6. التنوع.
هذه المميزات رسختها عوامل كثيرة أهمها جغرافية السودان الذي يمتاز بالانتشار والتنوع ما بين التساكن المستديم علي الشريط النيلي وحول الأودية الي حياة الترحال عند البدو وبين الطبيعة الصحراوية والسافنا في جنوب الوسط والجنوب. كما أن للمناخ والبيئة اثر واضح في تكوين المزاج العام واختلاف نمط الحياة. أيضاً الثراء والتنوع الثقافي والاجتماعي والديني شكل عاملاً ايجابياً عندما أحسن إدارته ثم أصبح سلبا كما سيرد لاحقاً.
رغم كل ما ذكرنا من خصائص موجبة فهنالك جوانب سالبة في السلوك الجمعي للمجتمع السوداني نذكر منها:
1. المجتمع السوداني مجتمع ماضوي يعيش في الماضي اكثر مما يعيش في الحاضر ويفكر في المستقبل لتحسين واقعه ونري اثر ذلك واضحاً في كل مناحي الحياة الاجتماعية والثقافية والرياضية والسياسية.
2. الاتكالية واللامبالاة فاقتصاديا يقوم فرد واحد بالصرف علي الأسرة وتتجلي اللامبالاة في السلوك العام ف الشارع وسيادة نمط الحياة البدوية في المدن.
3. العصبية والجهوية والقبلية السالبة (أنا وابن عمي علي الغريب).
ثانياً: التغيـرات فـي المشـهد الاجتماعـي والدينـي:
1. التغيـرات فـي المشهد الاجتماعـي:
تراجعت القيم التي شكلت مميزات وخصائص المجتمع السوداني وظهرت أنماط من السلوك السالب مثل الذاتية وسيادة نظرة (وأنا مالـي) والتوثر الاجتماعي والركون الي العصبية والقبلية مما يعد ردة عن التطور الطبيعي للمجتمع.
إيضاً من المظاهر السالبة إنهيار الطبقة الأوسطى التي تمثل عظم الظهر لاي مجتمع حيث يصعد الموالون للنظام ليحلوا مكان الذين أقصتهم سياسة التمكين من الراسمالية الوطنية، بينما تهاوت الغالبية الي الادنى كإضافة جديدة لطبقة الفقراء الذين تحول بعضهم الي معدمين. أدى خروج الراسمالية الوطنية صاحبة المبادرات والمشاركة الاجتماعية نتيجة سياسة التمكين الممنهجة الي تردى الخدمات خاصة في مجالي الصحة والتعليم حيث كانت مساهمة الراسمالية الوطنية فيها هي الاكبر وزاد من هذا التردي سياسات الدولة وما تقدمه من فتات ميزانيتها للصحة والتعليم لحساب الامن والتمكين.
ولعل أبرز الظواهر الاجتماعية السالبة النظرة المتصالحة مع الفساد والمفسدين وسارقي اموال الشعب، فبعد ان كان من يقوم بهذه الاعمال من المنبوذين إجتماعياً صار المجتمع يوسع لهم في المجالس، ويعتبر فعلهم هذا نوع من الفهلوة والشطارة. ولعل اكثر ما يؤلم في هذا الجانب التفكك الاسري، وإنتشار حالات الطلاق للغيبة، وهروب الابناء من منزل الاسرة، وتخلي الاباء عن واجباتهم الاسرية، وتخليهم عن رعاية الوالدين المسنين، وإنتشار حالات الزواج العرفي، والعلاقات خارج إطار الزوجية وسط الشباب، وتزايد حالات الانتحار، والتشرد، وترك مقاعد الدراسة.
من الحالات المؤلمة كذلك تفشـي المخدرات ودخول أنواع جديدة وخطيرة مما نتج عنه تزايد حالات الجنون والهوس.
ورغم هذه الصورة القاتمة فهنالك مبادرات يقوم بها شباب تعتبر نقطة مضئية في بحر الظلام مثل ما يقوم به شباب شارع الحوادث وغيرها من مجموعات العمل الطوعي والاجتماعي والتي تعمل على تغيير الصورة السالبة وسد الفراغ الذي تركته الدولة والمجتمع في تقديم الخدمات ورعاية أصحاب الحاجات.
2. التغيـرات فـي المشهد الدينـي:
التغيرات التي حدثت في المشهد الديني كانت أكثر حدة وبروزاً وتميزت بالتباين ما بين التطرف والتكفير الي الالحاد، ولان هذه التطورات لامست عقيدة المجتمع فنتناولها بشئ من التفصيل.
1. ظاهرة الغلو والتطرف: وتمثلها مدرسة السلفيين الذين تغذو بالفكر الوهابي وخرجوا من عباءة جماعة انصار السنة ومنهم خريجي المدارس السعودية ومدارس ومعاهد الجماعة في السودان، هؤلاء توفرت لهم رعاية وتمويل من أقرانهم في الخليج مع نظام تعليمي منغلق قدم الدين بفهم العصور الوسطى وعندما إصطدم بوسطية أهل السودان إنغلق وخرج علي المجتمع. يضاف الي هؤلاء بعض الغلاة من القطبيين في مدرسة الأخوان المسلمون. ولعل أبرز تمظهراته هي ما عرف بالدعوشة أو خروج شباب وشابات للإنضمام لتنظيم الدولة الاسلامية (داعش).
2. ظاهرة التكفير: وهي ظاهرة دخيلة على المجتمع السوداني وغالباً إنتقلت الينا من مصر والجزائر وفلسطين مع بداية الهوس الديني في سنين الانقاذ الاولى ثم إزدادت وإنتشرت وسط مجموعة من الشباب الذين كانوا يظنون ان نظام الخرطوم قد قام دولة الخلافة ويجب نصرتها ولكنهم إصطدموا بالواقع فخرجوا على المجتمع وكفروه ووجدوا في كتابات سيد قطب والمودودي وبعض الشيوخ معيناً فكرياً واستندوا عليه.
ويلاحظ الخواء الفكري لهؤلاء واستنادهم على تأويل وتفسير خاطئ لبعض الآيات فيما يتعلق بالحاكمية والولاء والبراء. ولا يمتلكون اي حجج منطقية، فقد كنا مجموعة من الاحباب في المعتقل مع عباس الباقر التكفيري الذي قتل المصلين في مسجد الجرافة ومعه كثير التكفيرين من جنسيات مختلفة ومعنا أخ أرتري مسيحي ظل عباس يدعوه الي الاسلام، فقال له الاخ الارتري هل أنا كافر؟ أجاب نعم، وسأله وهل هؤلاء (أنا والأحباب) كفار؟ أجاب نعم، قال له إذن ما الذي يدعوني لا بدل كفراً بكفر. اليس هذا بياناً كافياً لفساد وخواء هذا المعتقد؟ (بالمناسبة عباس كان أحد المجاهدين في كتائب الجنوب والشرق).
وخطورة ظاهرة التكفير أنها ينتج عنها فعل عنيف فأحداث مسجد الشيخ أبو زيد في الحارة الاولى وأحداث مدني ومسجد الجرافة وغيرها كلها خرجت من هذه العباءة وقام بها تكفيريون.
4. ظاهرة الألحاد: تميز السودانيون بتدينهم المعتدل ولم يعرفوا الالحاد حتى نعد غلاة اليساريين أو على الأقل لم يكن ظاهرة ولا يجرؤ من يعتقدها على أعلانها لا خوفاً من العقوبة القانونية بل من عقوبة المجتمع الذي يلفظ وينبذ مثل هؤلاء. لكن في الأونة الاخيرة تفشت هذه الحالات وصارت ظاهرة. في عام 1998 قابلت في سجن كوبر أحد أبناء الحاج يوسف من الشايقية وذكر لي أنه واحد من 18 طالب بمدرسة ود السائح الثانوية تنصروا في بداية التسعينات وذهب ودرس اللاهوت في بيروت حتى صار قسيساً في الحركة الشعبية وعندما عاد للخرطوم مع د. رياك مشار أعتقلته السلطات. مؤخراً نظمت ما يعرف بأمانة التزكية بالمؤتمر الوطني (الحزب الحاكم) ندوة كشف فيها د. جابر عويشة مدير المجلس الاعلى للدعوة بولاية الخرطوم عن دراسة أجراها مركز الاستشراق الدولي في (11) جامعة بولاية الخرطوم رصدت (1200) حالة إلحاد، كما كشفت دز نوال مصطفي عضو أمانة التزكية بالمؤتمر الوطني عن تفشي ظاهرة الإلحاد وسط أبناء قيادات الصف الاول للحركة الاسلامية وقالت (نحن كحركة إسلامية تكلست وتجمدت وأصبحنا لا ننتج فكراً) وقالت إن أحد أبناء القيادات ذكر لهم في تبريره أن والده القيادي غير متدين ولا يصلي الصلوات في مواقيتها ولا يعدل بين زوجاته الثلاثة، وذكرت أن احدهم إبن شهيد ويحفظ القران الكريم كله وصار ملحداً بل عندما بعثوه للحج لتطمئن نفسه عاد أكثر تشدداً في الإلحاد. وإذا دخلت موقع سودانيون لا دينيون ستجد عجباً وستندهش من عدد رواد الموقع ومما يرد فيه.
هذه التغيرات العميقة التي نلمسها في مشهدنا الاجتماعي والديني هي تمظهرات وإنعكاس لأزمة عميقة بدأت منذ أربعة عقود وتضافرت عوامل عدة في تغذيتها سنحاول تفصيل ذلك في المحور التالي.
ثالثاً: ما الذي أوصلنا الـي هذه الحالة؟:
في تقديري هنالك عوامل كثيرة تداخلت وتضافرت لتوصلنا الي هذه الحالة هي:
1. العوامل السياسية: بدأت التغيرات الاجتماعية والدينية مع بداية مايو التي عملت علي توجيه المجتمع السوداني يساراً وهدم ما سبقها وأدى تقلبها بين اليسار واليمين الي إضطراب المجتمع ولكن لم يشكل ذلك تغييراً جوهرياً لان المجتمع كان ما يزال قوياً ولديه مناعة ذاتية الي أن جاءت قوانين سبتمبر 1983 وما صحبها من هوس ديني وعنف وشطط في الاحكام وتولي الجهلة والمهووسين مواقع العدالة وأطلق العنان لأنصاف المتعلمين ليفتوا في الدين بل أصبح نميري نفسه يفتي في الدين فيما لا يعلم. لكن التأثير الاكبر والاعمق للعامل السياسي كان في عهد الانقاذ لانها جاءت بمشروعها وأعلنت برنامجها لاعادة صياغة المجتمع السوداني وقامت بهدم كل الركائز التي قام عليها المجتمع السوداني في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية وإعتبرتها رجس من عمل الشيطان وسلطت آلتـها الاعلامية ودعاتها ومنابر المساجدلترسيخ هذه المفهوم وفي المقابل منعت الراي الآخر حتي من أقرب الجماعات اليها، كما أدت سياسة الباب المفتوح للجماعات الاسلامية من مختلف بقاع العالم إضافة الي فكرها الأممي وسياسة التمكين وفرض الجهاد الي غربة المجتمع السوداني.
2. العوامل الاقتصادية: منذ العام 1978 وضع الاسلاميون ما يعرف بإستراتيجية التمكين مستفيدين من مصالحتهم مع نظام نميري وجو الهوس الديني الذي ساد بعد 1983 فعملوا علي إنشاء الشركات والبنوك مستفيدين من أموال الخليج ورسخوا ذلك وجعلوه سياسة دولة بعد 1989م ، وأذكر في بداية التسعينات وفي لقاء مع أحمد عبد الرحمن محمد بجريدة ظلال سئل هل سياسة التمكين هذه سياسة الدولة؟ اجاب بأن لا علم لي ولكن شيخ حسن ما بعمل حاجة ساكت. وللتمكين في الجانب الاقتصادي كان لابد من تكسير الراسمالية الوطنية بالقانون والممارسة لاحلال كوادر الجبهة مكانهم وللاسف كانت النتيجة ان فقد المجتمع نصيره وسنده من الراسمالية الوطنية التي بنت نهضته وساهمت في تشييد المدارس والمراكز الصحية والمستشفيات ودور العبادة لصالح طبقة طفيلية شرهة كل همها ما يدخل جيوبها من المال العام ولأنهم بلا خبرة وبلا بركة فقد كانت النتيجة هذا الإنهيار الذي تعيشه البلاد الآن فلا حافظوا على القديم ولا أتوا بجديد نافع.
3. العوامل البيئية: نتج عن سنوات الجفاف والتصحر التي ضربتأجزاء واسعة من البلاد في ثمانينات القرن الماضي موجات نزوح واسعة من الريف الي المدن ادى الي تغيير في التركيبة السكانية وبالتالي لتغيير سلوك وعادات المجتمع ونقل كثير من مظاهر البداوة الي المدينة.
4. العوامل الاجتماعية: منذ بداية طفرة النفط في الخليج منتصف السبعينات هاجر كثير من السودانيين للعمل بدول الخليج وليبيا وبطول المدة تطبعوا بكثير من طبائع وعادات تلك المجتمعات خاصة النساء والابناء الذين درسوا حسب نظم تلك الدول وحملوا الينا عاداتهم وأفكارهم وإسلوبهم في اللبس والسكن والأكل.
5. العوامل الدينية: السياسة التي مارستها الانقاذ في المنع والتضييق علي جماعات الدعوة التي تبنت الفكر الوسطي في الاسلام وإغلاق دورها وإحتلال مساجدها وتبني سياسة (ما اريكم الا ما أرى) إضافة الي النظرة القاصرة والمشوهة لمفهوم الجهاد وللزكاة وتطبيق للإقتصاد الاسلامي بصورة شائهة الي سيادة راي واحد منغلق مما خلق غربة وجدانية لدي الشباب الذين ربطوا بين سلوك الجماعة الذي قالوا أنه الدين فحسب وبين الاسلام فنفروا منه.
أيضاً كان للبرنامج الذي تولت تنفيذه إدارة الدعوة بجهاز الامن في شق وتفتيت الجماعات الدينية والطرق الصوفية وتقريب الموالين والتضييق على من تخالفهم او يصدع بكلمة الحق الاثر الاكبر في تقليص وتراجع دور هذه الجماعات في الدعوة للدين الصحيح والتبشير بالقيم الاسلامية السمحاء.
6. النظام التعليمي: حذت الانقاذ حذو النظام المايوي في تغيير السلم التعليمي لكنها زادت عليه بتغيير المنهج حسب رؤيتها وما يخدم مشروعها وغيرت لبس الطلاب لما يتواءم مع فلسفتها في تجييش المجتمع وغيرت طابور الصباح من نشيد العلم الي الجلالات وكانت أكبر خطاياها الغاء المرحلة المتوسطة ودمجها في مرحلة الاساس مما نتج عنه مشاكل إجتماعية وأخلاقية كثيرة لوجود اطفال عمر 6 سنوات في مكان واحد مع بالغين في عمر 14 سنة. وتماشياً مع سياساتها فقد عمدت الانقاذ الي إلغاء نظام مجانية التعليم وفتحت الباب واسعاً للمدارس الخاصة والاجنبية مما خلق بوناً شاسعاً بين الذين يستطيعون سداد الرسوم وتحمل نفقات المدارس الخاصة وأبناء العامة الذين أضطر كثير منهم لترك مقاعد الدراسة لفقرهم.
أما التعليم العالي فقد تبنت الانقاذ سياسة تجفيف الداخليات وإستبدالها بصندوق دعم الطلاب لإبتزاز الطلاب وحرمان المعارضين لحقهم في السكن والاعاشة مع الاغلاق على طلاب الحركة الاسلامية وشراء ولاء الطلاب الفقراء، ولعل أصدق تعبير عن حال التعليم العالي هو ماذكره الامام الصادق المهدي في بداية ما يسمى بثورة التعليم العالي (أن النظام يريد أن يطعم برميل ماء بملعقة سكر) نتج عن تطبيق هذه السياسة مشاكل إجتماعية واخلاقية خاصة وسط الطالبات. كما نتج عنها خواء فكري عند الكثير من الطلاب نتيجة المنهج الدراسي وإلغاء نظام السكن داخل الجامعة الذي كان يوفر وقتاً للطالب لممارسة نشاطات مختلفة ويمكنه من قضاء وقت أطول بالمكتبة، إضافة الي الطامة الكبرى المسماه المجاهدين في الجامعات.
هذه العوامل الستة كانت هي الاسباب الرئيسية التي أوصلتنا الي ما نحن فيه الان من تغيرات ضربت المجتمع في عصبه الحــي.
رابعاً: ما هو المطلوب عمله للخروج من الأزمة الراهنة؟:
لا يذهبن بنا الظن أن تغيير النظام سياسياً سيؤدي تلقائياً الي حلحلة كل مشاكلنا والخروج من كل أزماتنا صحيح، غن التغيير السياسي هو المفتاح الذي سيفتح الباب لكن يلزمنا عمل دؤوب وشاق ومنذ الان إستعداداً للمرحلة ما بعد التغيير، أولى المهام التي يجب أن نبدأ بها هي:
1. الوعـي: علينا جميعاً قوى سياسية ومنظمات مجتمع مدني وجماعات دينية أن نعي أولاً بحجم الازمة وقوة التغيرات التي طرأت في جوانبها المختلفة ثم توعية الناس بها وبيان خطورة أن تستمر وذلك يتاتي عبر إستخدام كافة المنابر وكل الوسائل المتاحة لفضح سياسات وممارسات النظام.
2. تغيير الخطاب: يجب أن نبتكر خطابا جديدا ولغة يفهمها شباب اليوم والأ نستدعي خبراتنا السابقة في الدعوة والتنوير لانها ماعادت صالحة لهذا الجيل مع إستخدام التكنولوجيا الحديثة.
3. بالبيان بالعمل: أقوى ادوات التغيير وإستقطاب الآخرين للمساهمة فيه هو القدوة الصالحة خاصة في الجانب الديني.
4. العمل المدني: وذلك بالنزول الي الشارع وتكوين منظمات الشباب والنساء للعمل الطوعي الميداني وتشجيع وتفعيل المنظمات القائمة الان ودعمها مادياً ومعنوياً. وعلى مستوى حزبنا تكوين جهاز لمباشرة هذا العمل بعيداً عن طريقة النفير التي يعمل بها الحزب حالياً كلما حدثت كارثة في مكان ما، بل يجب ان يأخذ هذا العمل صفة الديمومة والأ يربط بأجهزة الحزب مباشرة لنغتنم الفرصة قبل أن تضيع.
أخيراً:
لابد من صنعاء وإن طال السفر لابد من التغيير وذهاب هذا النظام هو أولى أولويات التغيير إن لم يذهب هذا النظام بمؤسساته وسياساته وآجهزته وأشخاصه وتنظيماته، غن النظام ظل يغير جلده في كل مرة يمر فيها بأزمة مع بقاء جوهر سياساته فلا يخدعنا ذلك بل علينا المواجهة حتى ذهاب هذا النظام لينصلح حال مجتمعنا ويعود للدين صفاؤه وبهاؤه.
ودمتم..