الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله..
ضيوفنا الأعزاء .. قادة العمل السياسي والدبلوماسي والإعلامي والمدني والأهلي والديني …
مرحباً بكم في داركم – دار الامة – حللتم أهلاً ونزلتم سهلاً.. وشكراً جزيلاً لتلبية دعوة الحزب..
لقد سّن حزبنا سُنة الإفطار السنوي هذه كإحدي منابر التنوير للراي العام المحلي والاقليمي والدولي بموقفه وأجندته خلال العام، ولدعم الوشائج الإجتماعية وترسيخ قيم المحبة في الله والأخوة في الوطن.. فهو إفطار لا يخلو من المعاني الروحية والدلالات السياسية وقيم وأخلاق السمتة السودانية.
سيخاطبكم إن شاء الله الحبيب الإمام الصادق المهدي رئيس الحزب خطابا شاملا .. وبدوري سوف أتناول نقاط محددة هي:
أولاً: موقف الحزب من قضايا الراهن:
الأوضاع المعيشية والإقتصادية الأن صعبة للغاية والأزمة متزايدة بصورة تنذر بمجاعة وشيكة وعنوانها “إفلاس الدولة”، مؤشرات ذلك فشل الموسم الزراعي وتحجيم حركة التجارة وإشكالات صادر الثروة الحيوانية وعدم الوفاء بإستحقاقات العاملين بالخدمة المدنية …لذلك لن تحل الأزمة وتتحسن أحوال الناس الإ بزوال هذا النظام.. لماذا؟ لانه هو الذي تسبب فيها بالفساد والصرف السيادي البزخي والتلاعب في النظام المصرفي وفي التجارة الخارجية وفي الإستثمار وإنفلات السوق وزيادة التضخم وإثقال البلاد بالديون والقروض والتدمير المتعمد للمشاريع الإنتاجية وإفقار الناس بالضرائب ورسوم الخدمات… كما أنه عجز عن تقديم أي معالجة إقتصادية جادة وإنما إستخدم ذات ألاعيبه القديمة من تغيير وزاري والبحث عن قروض ومعونات، موقفنا هو أن المحطة الأولي في تعافي الإقتصاد وتحسن ظروف الناس المعيشية هو رحيل هذا النظام، والمخرج الآمن هو الإعتراف بالفشل وإعلان عجزه وتسليم السلطة للشعب، وعلي مكونات شعبنا تصعيد وتيرة مقاومة النظام ومواجهة الغلاء والندرة والتسلط لإنقاذ البلاد، وأن بمجرد رحيله هناك سياسات بديلة رشيدة تعالج “عواسة” جماعة الإنقاذ في إقتصاد البلد، كما هناك فرص توفير موارد ضخمة من خيرات البلد، ودعم ومنح دولية حرم السودان منها بسبب سياسات النظام الإرهابية والفاسدة.
الأوضاع في دارفور تمضي من السيئة الي الأسوأ .. التقارير الواردة الينا من ولايات دارفور الخمس تؤكد علي المأساة الإنسانية، والاوضاع المعيشية الصعبة، وفقدان الأمن وتوجس وترقب دائم، وتجدد القتال في بعض المناطق، وتشريد المزيد من الأمنيين، وإستمرار النظام في ضرب النسيج الإجتماعي لدارفور وإثارة الفتن ماظهر منها ومابطن، ومطالبات داخلية وخارجية بإنهاء مهمة يونميد لحفظ السلام. موقفنا هو أن الحل يبدأ بمعرفة جذور الأزمة والتعامل معها وإحتواء تداعياتها بإشراك إنسان دارفور في إدارة الاقليم، وتعويض الضحايا، والمساءلة عن الجرائم التي أرتكبت، وإعادة الإعتبار للادارات الاهلية المعبرة عن مجتمع دارفور، وتجفيف مصادر السلاح، وحل المليشيات القبلية، وذلك بعد وقف العدائيات والتفلتات، وحفظ الامن والسلام، وإعادة مادمرته الحرب.
حقوق الإنسان والحريات العامة : إن الانتهاكات هذا العام قد تزايدت بصورة فظيعة في الحريات الدينية والصحفية والسياسية والمدنية والمحاكمات التعسفية والاغتيالات المعنوية والحرمان من الحقوق الاساسية. موقفنا هو أن هذه الانتهاكات “منظومة قمع” مقننة بالقوانين المقيدة للحريات، ومتصاعدة بالسياسات التعسفية المجرمة للإنسان، ومتنوعة بالإجراءات التي تخضع لأهواء المسئولين، لذلك فإن حملتنا لمناصرة الحريات والدفاع عن الحقوق تستهدف – المنظومة كلها – القوانين والسياسات والأجراءات، وقناعتنا بأن سجل النظام السيئ في حقوق الإنسان لن يتحسن بالأكاذيب والتلفيق، وإنما بتصفية كاملة لهذه المنظومة الشمولية المنتهكة لكرامة الإنسان السوداني.
الإنتخابات: واقع الحال يقول أن ليس هناك أي إنتخابات حرة ونزيهة في ظل هذا النظام، وان الدعايات المبكرة والتصريحات الكثيرة حول إنتخابات 2020 ما هي الإ إفرازات الصراع الداخلي في النظام حول التمديد للرئيس أو تعديل الدستور لضمان ترشحه من جديد فهو ملف داخلي، وكل تجارب النظام في الإنتخابات سيئة للغاية تكرس للإستبداد وتطول عمر الطغيان، عمادها التزوير وإستخدام موارد الدولة والرشاوي. موقفنا هو أن للإنتخابات معايير دولية كعملية ديمقراطية، وللإنتخابات إستحقاقات وطنية واجبة الوفاء بها كعملية سياسية محلية تبدأ من إقرار كافة الحريات وتنتهي بحكومة إنتقالية هي التي تشرف علي صناعة دستور متوافق عليه وفي نهايتها تجري عملية الإنتخابات بواسطة قانون متوافق عليه ومفوضية مستقلة في ظل قضاء مستقل. وبالتالي نحن في حزب الأمة القومي لن نكون ضمن أي عملية تجميل أو تمديد للنظام.. لسنا من نمنح النظام شرعية.. ولسنا معنيين بإخراج النظام من مأزقه الوجودي.. وفي ذات الوقت لن نقف مكتوفي الايدي سنعمل مع شركائنا وحلفائنا علي تصفية الحكم الشمولي لصالح التحول الديمقراطي اليوم قبل الغد.
الفساد: حذرنا منه كثيراً، وفي كل مرة كان قادة النظام ينفون أي شبه فساد، وهو ينتشر إنتشار النار في الهشيم، حيث بدأ ترسيخه كثقافة عامة، والتستر عليه بفقة السترة، وتقنينه بفقة التحلل، الأن إعتراف النظام بالفساد ولكن في إطار دعاية سياسية، دون جدية في المحاربة، لأن ببساطة “فاقد الشي لا يعطيه” فقد صدق د. مبارك الكودة حينما قال “أن أكبر فساد الإسلاميين في الفكرة نفسها”. موقفنا هو ان هناك معايير دولية لمحاربة الفساد ضمن قانون من أين لك هذا؟ وسوف نعمل ضمن حملتنا لمحاربة الفساد علي توسعة الحملة لتشمل كل مكونات الشعب السوداني وكشف الفساد والمفسدين للراي العام، والعمل علي إسترجاع الأموال المنهوبة ضمن منظومة الشفافية العالمية، ومراجعة القوانين التي نَفذ من خلالها المفسدين، وإستهداف مركز الفساد وليس مجرد الموظفين الصغار الذين يقدمون كـ”كبش فداء”، والحاق الوصمة الاجتماعية بكل مفسد، وإصدار التقارير التي تكشف مصدر الفساد والمؤسسات والأشخاص الذين يقومون برعاية وحماية الفساد.
العلاقات الخارجية: نظام الإنقاذ أضاع السيادة الوطنية وبناء علاقات خارجية لصالح التنظيم لكي تخدم مصالح التمكين الحزبي وليس علاقات للسودان. موقفنا هو أن للسودان دوراً إقليمياً ودولياً مهماً، وأن سياسته الخارجية يجب ان تقوم علي التوازن والتعاون وعلي الابعاد الاستراتيجية التي تخدم السودان والسودانيين، لذلك رفضنا إنخراط السودان في حزب اليمن، وطرحنا ميثاق الاخاء مع الاشقاء في مصر، ودعينا الي معاهدة التوأمة مع أخواننا في جنوب السودان، وأكدنا بأن إقرار محاربة الارهاب والمحافظة علي السلم والامن الدوليين وعدم التدخل في الشئون الداخلية ورفض الهيمنة والعدوان كأساس لعلاقتنا مع كل دول العالم.
وحدة المعارضة والعمل المشترك: إن سعينا لوحدة العمل المعارض ليس هدفاً مرحلياً ثانوياً وإنما هدف إستراتيجي ينطلق من مبادئ الحزب وبالتحديد مبدأ القومية وعدم الإقصاء.. موقفنا هو نجدد التزامنا بكل وثائق ومقررات نداء السودان لا سيما قرارات إجتماع باريس الاخير 23-28 مايو 2018م، وسوف نسعي مع حلفائنا لإنزالها لأرض الواقع .. كما سنعمل أيضاً مع حلفائنا من أجل إنجاز مشروع السياسات البديلة وإصدار دليل بناء الوطن.. كما نجدد إلتزامنا بإعلان خلاص الوطن الذي إتفقت عليه قوي المعارضة السودانية بدار الامة 17 يناير 2018، ونمد أيدينا بيضاء الي كل دعاة التغيير لنعمل سوياً من اجل خلاص وبناء الوطن.
ثانياً: علي مستوي عملنا الحزبي الداخلي:
إننا نعمل جاهدين في ظل الطغيان والإستهداف علي المحافظة علي كياننا من شرور الشمولية، وان نحرز أهدافاً في مسيرة تطور الحزب وإعادة بنائه وفق معطيات المرحلة، لذلك سيكون بإذن الله شغلنا الشاغل في النصف الثاني من هذا العام إعادة البناء القاعدي في الولايات والقطاعات إستعداداً للمؤتمر العام الثامن. وسوف نحرص كذلك إن شاء الله علي تقنين وتنظيم وإدارة حوارات فكرية وسياسية داخل مؤسسات الحزب بالمركز والولايات والمهجر بصورة شفافة لتساهم بالأفكار والرؤي في التأسيس الرابع وبرنامج الحزب في مؤتمره الثامن.
ثالثاً: في مثل هذا الشهر يونيو 1989م وقع إنقلاب الإنقاذ .. وبعد ثلاثين عاماً .. وصل السودان للهاوية والسودانيين للفقر والعوز والمسغبة، حتي أصبح لسان حال الناس “رجعونا محل ماكنا قبل 1989” لذلك أقول :
إن الثلاثين عاماً التي مضت خصماً من عمر السودان.. لن تضيع سُداً.. ستكون زاد لإرادة السودانيين ودافع وحافز لخلاص وبناء الوطن .. حتماً سيكون هناك محاسبة للجرائم التي ارتكتب طيلة هذه السنوات .. وبإذن الله سيكون هذا العام عام الخلاص والتحرير..
فهذه دعوة صادقة لأهل السودان .. إن الديكتاتوريات تزول بالنضالات والتضحيات والمواجهات وليس بإعادة عقارب الساعة للوراء.. وأن الأوطان تبني بسواعد الرجال والنساء والإستفادة من التجارب وبالأمل والعمل وليس باليأس والقنوط والإنتظار..
ووعدنا لكم في حزب الأمة القومي أن نقدم كافة التضحيات من أجل حراسة مشارع الحق ومن اجل الحرية والكرامة والديمقراطية .. فقد وعدنا بإن يكون السودان للسودانيين فلتف الشعب السوداني خلف هذا المطلب حتي تحقق .. ووعدنا بإزالة نظام عبود وإستعادة الديمقراطية فتحقق ذلك بإرادة الشعب.. ووعدنا بإزالة نظام مايو وتصفية الديكتاتورية وقد تم ذلك بتضامن كل مكونات الشعب السوداني… والان ثقتنا في شعبنا لا تحدها حدود.. وبإذن الله نحرر البلاد قريباً من الإحتلال الداخلي..
نشكر لكم حسن الإستماع .. ونجدد ترحيبنا بكم ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،