أشكر حضراتكم على تلبية دعوتنا لهذا المؤتمر، فالإعلام شريك أصيل في الشأن العام، وكلما اتسعت مساحة الحريات كان نصيبه في الشراكة أكبر.
سوف أقدم بياناً من عشر نقاط حول موقف حزب الأمة القومي، ونداء السودان، وإعلان الحرية والتغيير، والعلاقة مع المجلس العسكري، والموقف من المبادرات الوطنية، والمبادرات الإقليمية والدولية.
⛔أولاً: هذا أول مؤتمر نقيمه بعد مأساة الثالث من يونيو. إن ثورة ديسمبر كانت أضخم حدث ثوري شهده الوطن، ووجد تجاوباً شعبياً وطنياً وتأييداً دولياً وصدى إعلامياً غير مسبوق.
هذه الثورة التي كان لشبابنا بنين وبنات دوراً مفصلياً فيها جسدت معاني خالدة من حماسة، وإقدام، وتضحية، والتزام بخماسية ذهبية: الإقدام، السلمية، اللاعنصرية، الإبداع الفني، والتضامن الاجتماعي.
بعضنا أحبط للطريقة الوحشية التي فض بها الاعتصام التاريخي أمام القيادة العامة، ولكن كل مأساة بحجمها تحتل مكانة تاريخية:
أتَعْلَمُ أمْ أنتَ لا تَعْلَمُ بأنَّ جِراحَ الضحايا فمُ
دماء الشهداء والجرحى وضحايا العنف الجنسي سوف تتحول إلى أيقونة خالدة.
بعد مأساة دارفور طالبنا بتحقيق دولي تبناه مجلس الأمن، وكانت النتيجة القرار 1593 الذي زف المتهين إلى المحكمة الجنائية الدولية. في المأساة الأخيرة امتنع مجلس الأمن عن نهج مماثل، ولا يقبل إلا تحقيق مستقل تقوم به هيئة مكونة من ذوي اختصاص وأهلية، وبراءة من أية شبهات تعاون مع الشموليات، مكونة من: عسكري، وشرطي، وطبيب، ومختص بالعنف ضد المرأة، وقاض: خمس سودانيين مؤهلين ومقبولين قومياً.
⛔ثانياً: لقد قرر حزب الأمة القومي تكوين لجنة عليا مكونة من أجهزته الرئاسية والتشريعية والتنفيذية والولائية ومكاتب سودانيين بلا حدود مهمتها القيام بحملة تعبوية تنظيمية إعلامية دبلوماسية للاستعداد للمؤتمر العام الثامن، ولحراسة مكاسب الثورة، وللتصدي لقوى الردة.
سوف تنطلق هذه الحملة عبر الشهرين القادمين ابتداءً من أول يوليو القادم.
أقبل علينا كثير من الذين شدهم النظام الشمولي إلى صفه لمراجعة مواقفهم. قلنا لهم قدموا نقداً ذاتياً تقبله أجهزة الحزب لتقرر بشأنكم.
⛔ثالثاً: نحن في نداء السودان نبارك الخطوات التي تمت مع الجبهة الثورية للتمهيد لاتفاق سلام شامل عادل يرجى أن يكون إبرامه من أول مهام الحكومة الانتقالية المدنية التي نصفها بمدنية ملتزمة بإبرام السلام العادل الشامل وبالتحول الديمقراطي. وسوف نلبي دعوة الأشقاء في دولة جنوب السودان للوساطة مع الأخ عبد العزيز الحلو رئيس الحركة الشعبية شمال في جوبا.
⛔رابعاً: لقد واجهنا في الحرية والتغيير عثرات أمام تكوين مجلس قيادي جامع بينما قامت التنسيقية المشتركة بمهام العمل التنفيذي المشترك منذ بداية الثورة. وفي اجتماع ممثلي الحرية والتغيير يوم الاثنين 24/6 بدار الأمة اتخذت قرارات أهمها الاتفاق على المجلس القيادي، وعقد اجتماع يوم الخميس 27/6 لإجازة لوائح المجلس وضبط العلاقة مع أجهزتها التنفيذية.
لقد كان غياب مجلس قيادي متفق عليه من نقاط ضعف الحرية والتغيير، ويرجى سد هذه الثغرة نهائياً.
⛔خامساً: بحثنا الموقف مع المبادرات الوطنية والأثيوبية التي انضمت إليها المبادرة الأفريقية وتقرر الآتي:
• تأكيد قبول المبادرة الأثيوبية الأفريقية وتقديم ورقة عمل لتفعيلها بالاتصال بمقدميها.
• الترحيب بالمبادرة الوطنية وحث أصحابها على التنسيق مع المبادرات الأخرى الجادة.
• هدفنا الاستراتيجي من التعامل الإيجابي مع كافة المبادرات هو الحرص على إقامة فترة انتقالية مدنية ملتزمة بالسلام والتحول الديمقراطي.
⛔سادساً: لقد حفلت الساحة السياسية في السودان برؤى مختلفة حول التعامل مع المجلس العسكري. أقول:
• المجلس العسكري كتب دوراً تاريخياً بعزل الطاغية وإزالة الانسداد السياسي.
• يجب أن يعترف المجلس العسكري بالمسئولية عن مأساة الثالث من يونيو وأن يقبل الآلية المستقلة المقترحة وأن يلتزم بمخرجاتها.
• هنالك من أقدموا على دعم المجلس العسكري ليفعل ما يشاء، وآخرون على نقيض ذلك يصفون المجلس العسكري بأنه “إنقاَذ” ثان. هذان موقفان يدفعان بالوطن إلى الهاوية، فإن لطرفي المعادلة السياسية وسائل تصعيد مضرة بالوطن. فالمصلحة الوطنية تتطلب موقفاً توافقياً يحافظ على مكاسب الثورة ويدرأ خطر المواجهة الصفرية.
• لقد أحسن المجلس العسكري بإطلاق سراح الأسرى، ويرجى أن يعلن العفو العام وإسقاط الأحكام الصادرة على المواطنين لأسباب سياسية، وأن يراجع قرارات الفصل بسبب الإضراب، وأن يتيح الحريات العامة خاصة حرية التجمع والتنظيم، ويعيد خدمة الإنترنت لضمان حق الوصول إلى المعلومات، وأن يعين مفوضية لتفكيك التمكين الآثم.
⛔سابعاً: إن استمرار غياب حكومة غير محتمل فكثير من مصالح المواطنين معطلة لاسيما والموسم الزراعي قد بدأ، بل هنالك في كثير من الأمور الحيوية فراغ لا يمكن احتماله ولكن تجاوزه بأية صورة انفرادية إنما يزيد الطين بلة.
هنالك أربعة عوامل جرفت النظام المخلوع وتهدد المشروعات الأحادية هي: التدهور الاقتصادي، حالة الحرب الأهلية الكامنة واللا سلام، سلبية الموقف الدولي، واستعداد المقاومة الشعبية.
المطلوب بإلحاح أن تقدم المبادرة الوطنية على التنسيق مع المبادرات الأخرى الجادة والاتصال المباشر العاجل مع المجلس العسكري ومع الحرية والتغيير ومع القوى السياسية المبرأة من جرائم النظام المخلوع الجنائية والمالية وأن تأخذ في الحسبان أية قيمة مضافة في مبادرات الأشقاء ثم تقدم مشروعاً وفاقياً حول هياكل الفترة الانتقالية؛ مشروع يرجى أن يحقق قبولاً عاماً.
وأنا بما عندي من صلاحيات سوف أوظفها بكل طاقة مستطاعة لإنجاح هذه المهمة لنقدمها هدية لشعبنا رداً على ثلاثينية التآمر عليه في 30/6/1989م. وسوف أساهم في تسهيل هذه المهمة بتقديم خمس وثائق مهمة هي:
• وثيقة مدروسة لتصفية التمكين.
• وثيقة دستورية عادلة للفترة الانتقالية.
• ميثاق شرف لضبط الإيقاع السياسي.
• مشروع قانون للعدالة الانتقالية.
• قائمة بأسماء مؤهلين خبراء غير حزبيين.
لنعلم جميعاً أن التجربة الإنسانية حافلة بحكم أهمها: من ركب العجل أدركه الزلل، ورب منية تحت أمنية.
علمت الآن أن المبادرتين الأفريقية والأثيوبية قد دمجتا، وستقدم النتيجة لكافة الأطراف، هذا تقدم إيجابي يرجى أن يجد قبولاً عاماً، وأن تساهم المبادرة الوطنية في سد الثغرات، على أن تتم هذه الإجراءات في أعجل ما يمكن.
⛔ثامناً: هنالك قوى سودانية تقليدية تحركت في الشأن العام: إدارة أهلية وطرق صوفية- هؤلاء من المكونات السكانية لأهل السودان وإن كانوا لا يحسبون قوى ثورية، ينبغي أن يحسبوا قوى مؤثرة في المجتمع السوداني. إن محاولة الزج بها لدور حزبي سياسي تناقض مع تكويناتها فأتباعها ينتمون لمواقف سياسية مختلفة. لقد اجتمع بي مشكورين كثير من هؤلاء، وبعد تفكير في دورهم المنشود أرى تكوين مجلس أعيان من العناصر الأهلية والصوفية ليقدموا النصح للقوى السياسية بتجنب الصدام وتجنب العنف والحرص على الوفاق، ويمكن لممثليهم بهذه الصفة المشاركة في مبادرات الوفاق.
⛔تاسعاً: تابعنا بإشفاق شديد محاولة الانقلاب في بحردار بأثيوبيا الشقيقة. لقد أقدم رئيس الوزراء الأثيوبي أبي أحمد على برنامج إصلاحي داخلي وإقليمي كتبت له مهنئاً، وأدين بأقوى العبارات المحاولة الانقلابية الآثمة، وأزف للحكومة والشعب الأثيوبي التهنئة على القضاء عليها والعزاء في ضحايا المحاولة.
⛔عاشراً وأخيراً: سيقدم علينا يوم 30 يونيو بذكرياته المأسوية، وسوف نصدر بمناسبة هذه الذكرى كتاباً أسود بما أصاب الإسلام والسودان من هذا النظام هذا لكيلا ننسى، وللعبرة لكيلا تتكرر المأساة.
وبهذه المناسبة سوف أوزع عليكم نص شهادتي لله وللتاريخ.
وبالله التوفيق.