من واقع خامل أشرقت كوش فكونت حضارة إمتدت ألف عام ومقدمة الدليل على الحيوية الإفريقية على حد تعبير وليام آدمز: نوبيا رواق أفريقيا.
ومن مذلة التمزق وهوان الاحتلال أشرقت الدعوة المهدية مجسدة كافة تطلعات أهل القبلة في زمانها على حد تعبير عبد الودود شلبي.
ومن انقسام حاد حول المصير الوطني حقق أهل السودان استقلالا أنموذجيا من الاحتلال الثنائي.
والآن تعرض السودان لنظام حقق أرقاما قياسية في البطش والاستبداد والفساد ولكن شعبنا قاومه مدنيا وعسكريا إلى أن حقق الثورة الشعبية الفريدة التي حصدت تراكم المقاومة للنظام المستبد الفاسد وأظهرت تعاونا فريدا بين الحماسة الشبابية وتجاوب القوات النظامية فحققنا جميعا نبذ ما لا نريد.
مشهد أظهر حيوية ظن كثيرون غيابها وكانت بمثابة عودة الروح لشعب اتهم بالاستسلام للطغيان.
حقق شعبنا بصورة فريدة نبذ ما لا نريد. والتحدي الآن هو أن نحقق ما نريد وهو متعلق بخمسة مطالب: معادلة فكرية لجدلية الأصل والعصر. وحوكمة ديمقراطية مجودة بدروس الماضي، وسلام عادل شامل يزيل أسباب النزاع، وإصلاح إقتصادي يحقق الجدوى الاقتصادية والعدالة الاجتماعية، وعلاقات خارجية تحقق حرية القرار الوطني وتوازن الانتماءات العربية.والإفريقية. والإسلامية. والدولية فلا أحد في عالم اليوم يعيش في واحة معزولة.
الطريق للتصدي لتلك المطالب المشروعة يمر عبر فترة انتقالية تتطلب توافقا قوميا ببين كل عوامل التغيير الذي حقق تطلعات الثورة الشعبية. هذا التوافق رهين بتحقيق تسعة أهداف هي: إعلان دستوري متوازن – تفكيك التمكين الموروث بآليات قانونية عادلة – تحقيق مطالب السلام – تحديد استحقاقات التحول الديمقراطي عبر انتخابات محلية وولائية وعامة نزيهة – عقد المؤتمر القومي الدستوري – التزام سياسة إقليمية ودولية متوازنة – الحرص على حاضن سياسي قومي.
هذه المهام التسع هي واجبات الفترة الانتقالية التي ينبغي أن تنتهي فور إنجازها لرد الحق للشعب لتقوم الحوكمة على الأساس الديمقراطي.
الثورة تطلع شعبي، والفترة الانتقالية واجب استثنائي ثم تحقيق مطالب الشعب المستحقة.
لقد حققنا نبذ ما لا نريد بكفاءة عالية ولكن تحقيق ما نريد سوف يكون كثير التحديات والصعوبات ولكن: على قدر أهل العزم تأتي العزائم.
الصادق المهدي
5 يوليو 2019م