الرأي مثل شجاعة الشجعان ياسر عرمان احتل موقعاً قيادياً وصهرته التجارب وأنضجته ولكن إعلام النظام شيطنه. ..
السيد الإمام الصادق المهدي يكتب:
منذ ظهور خلافات داخل الحركة الشعبية– شمال صدمني أن كثيراً من معلقي الإعلام غمرتهم مشاعر الشماتة بصرف النظر عن آثار تلك الخلافات على مصلحة الوطن؛ لذلك سرني أن وجدت عمود الأخ عثمان ميرغني لا يحب الفرحين إذ تناول الموضوع من زاوية وعي كصالح في ثمود.
منذ أغسطس 2014م تعرفت بقيادة الجبهة الثورية فأصدرنا معاً (إعلان باريس)، الذي ضم بالإجماع قياداتها- كافة- بمن فيهم الأخ عبد الواحد، والأخ عبد العزيز الحلو، وبالحوار معهم- جميعاً- اتضح لي- جلياً- أن هذه الحركات كان يمكن تجنب مواقفها لو أن نظام الخرطوم يفكر إستراتيجياً.
1. لو نفذت اتفاقية سلام 2005م بالكامل، ولم يعلق بروتوكولا جنوب كردفان، وجنوب النيل الأزرق- أي نفذت قبل استفتاء تقرير المصير في الجنوب، كما تركت العوامل التي فجّرت الحرب فيما بعد، هذا قلناه في حينه، ولو أن اتفاق مالك/نافع نفذ لأمكن تجنب الاقتتال الذي اندلع منذ 2011م.
2. ولو أن تفاوض أبوجا في مايو 2006م تجاوب مع ما نصحنا به المرحوم مجذوب الخليفة لأبرم اتفاق سلام شامل لدارفور، أكد لي ذلك أحد أتيام التفاوض الحكومي الفريق إبراهيم سليمان، كما أكده مفاوضو الحركات.
3. الأخ مالك والأخ عبد العزيز الحلو أكدا لي أنهما يعلمان علم اليقين أن أنموذج تقرير المصير الجنوبي لا يمكن تكراره في جنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان؛ لأن التركيبة السكانية مختلطة أسوة بسائر مناطق السودان.
استقالة الأخ عبد العزيز الحلو فيها مزايدة سياسية؛ انحيازاً للسلاح، وتقرير المصير. هذا الموقف إذا كان جاداً فسوف يؤدي إلى اقتتال دائم بين مكونات جنوب كردفان مهما كان موقف الخرطوم، هذه نتيجة- ربما- سرت العناصر قصيرة النظر، لكنها وعيد للوطن، لكنني أعدّها مزايدة سياسية قابلة للاحتواء، وأقدم حزبنا لمصداقيته، ووجوده العضوي في المناطق المعنية فاعلاً للمساهمة في هذا الاحتواء.
الأخ ياسر عرمان احتل موقعاً قيادياً في الجبهة الثورية، وفي هذا الموقع صهرته التجارب وأنضجته، لكن إعلام النظام شيطنه في أوساط النظام، إن فكرة السياسي، وانتمائه الثقافي يخلق تناقضاً بين موقفه وبين الإثنية الأفريقانية الرائجة في أوساط الهامش، إعلام النظام والإثنيون بالغوا في تصوير الأحداث- حسب هواهم، وعلى أية حال فإن وضع ياسر الشخصي قابل للتعديل وفق ما يقرر التنظيم، استقالة الأخ عبد العزيز جعلت العامل الإثني النوبي من أسباب عدم صلاحيته.
إن لنا وجوداً سكانياً مع عناصر الجبهة الثورية، وأنا تجربتي، ومعرفتي بهؤلاء القادة- كافة- بمن فيهم عبد العزيز، وعبد الواحد أقول: إذا وجد مشروع سلام عادل شامل، وتحول ديمقراطي، وحكم لا مركزي حقيقي- مبادئ يضمها دستور لسودان عريض- فسوف يتجاوبون معه، وسوف تدعم ذلك الأسرة الأفريقية، والأسرة الدولية.
هذا هو الهدف الذي ينبغي للوطنيين الرهان عليه.
بعداً للعميان!، الذين لا يدركون أن شظايا هذه القوى يمكن أن تتجه إلى البندقية المأجورة، أو إلى تحالفات مع ثقافة الإرهاب، التي صارت فروعها تحيط بوطننا من كل اتجاه.
أقول لعقلاء الوطن: لنتسلح بمشروع سلام عادل شامل، وتحول ديمقراطي حقيقي، وسوف نوحد حوله كل القوى ذات القدرات المسلحة، وذات التأييد الشعبي.
هذا خيار (مَنْ أَعْطَىٰ وَاتَّقَىٰ* وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَىٰ* فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَىٰ)[1]، أما المراهنون على التشظي فإن للشظايا خيارات مؤذية للوطن، هؤلاء (مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى* وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى* فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى)[2].
تحية طيبة لعمود الأستاذ عثمان ميرغني المبصر:
من ليس يفتح للضياء عيونه هيهات يوماً واحداً أن يبصرا
الصادق المهدي
[1] سورة الليل الآيات (5،6،7)