عقد المكتب السياسي لحزب الامة القومي اجتماعه الدوري يوم السبت الثالث من فبراير 2018، ونظر في مجمل التطورات السياسية والاقتصادية الهامة وآثارها على الوطن والمواطن وأكد على الآتي :
اولا: ان الميزانية الأخيرة هي وليدة الفشل التراكمي في ادارة الاقتصاد القومي والفساد المؤسسي والسياسات الاقتصادية التي دمرت الطاقات الإنتاجية في البلد وأفسحت المجال للنشاط الطفيلي والمضاربة في العملة والسمسرة، كما ان الطباعة غير المسبوقة للنقود لشراء الدولار والذهب أدت للسقوط الحر للعملة والخروج عن السيطرة. هذه الميزانية هي الأكثر تطرفا في الجباية والاستهتار في إدارة الاقتصاد، إضافة إلى تخبط النظام في اجراءات معالجة تداعياتها إذ اعاد انتاج النهج الامني،ثم لجأ النظام الي أسلوب التعويم الذي لم يستند لإصلاحات مؤسسية ولا حاضن مالي يدعمه. اننا نشهد اليوم حالة التضخم الانفجاري الذي أصاب بالشلل لكل المناحي الاقتصادية، وسادت الاسواق حالة من الهلع والاضطراب والكساد العام، وتوقف الاستيراد، وأغلقت المصانع، وارتفعت أسعار الضروريات ارتفاعا جنونيا، ان التصاعد المرعب لقيمة الدولار أدي لهلع المودعين والتدافع لسحب الاموال من البنوك واستبدالها بالدولار أدي ذلك لمزيد من انفلات أسعار العملات. أن ميزانية 2018 الكارثيةً التي بموجبها زادت أسعار السلع والخدمات بصورة فورية وعم البلاد غلاء فاحش طال الضروريات، مما أدى إلى سخط شعبي متصاعد.
ثانيا: نتيجة ميزانية 2018 وسجل النظام الأسود في التلاعب بالاقتصاد وموارد البلاد، خرجت مسيرات الخلاص في الخرطوم وامدرمان وبحري كمدن رئيسية وتظاهرات واحتجاجات في عدد من مدن السودان تندد بالغلاء وإزالة النظام، وقد تم قمع هذه المسيرات والتظاهرات السلمية بالقوة، ولجأ النظام الي حبس المتظاهرين واعتقال القيادات السياسية. ان المكتب السياسي لحزب الامة القومي إذ يستنكر هذه الاعتقالات المتواصلة في صفوف قيادات وكوادر حزب الامة القومي وكل قوي المعارضة السودانية في كل انحاء السودان، فإنه يطالب بإطلاق سراح كل المعتقلين فورا او تقديمهم لمحاكمات عادلة تتوفر فيها كافة الضمانات القانونية، مع السماح لأهلهم ومحاميهم الاتصال بهم وفقا للمعايير الدولية والدستور، وتقديم العون الطبي لهم، ويحذر من التعرض لهم او إيذائهم جسديا او معنويا، كما يدين العنف المنظم والممنهج والقمع المفرط للاحتجاجات، ويحذر من مغبة استخدام الإخفاء القسري كسلاح جديد في مواجهة السياسيين – اي الاعتقال بدون اجراءات قانونية وفي اماكن مجهولة هو انتهاك للحقوق – ويستنكر الحزب إساءة معاملة النساء والاعتقال الابتزازي وأخذ الاسر كرهائن مما يتنافي ويتجاوز قيم الشعب السوداني ووجدانه.
ثالثا: وقف الاجتماع على جهود الحزب وقوى المعارضة الأخرى في إدارة المقاومة السلمية، وبعث المكتب السياسي التحية والإعتزاز لقادة الحزب وكوادره في سجون النظام على ثباتهم، والتحية إلى جماهير الحزب وشبابه علي مشاركاتهم المشرفة في الوقفات الاحتجاجية ومسيرات الخلاص وصمودهم الباذخ رغم الاستهداف والعنف المفرط الذي تعرضوا له، والتحية إلى الزعماء وقادة الاحزاب السياسية المعتقلين، وكل المناضلين والثائرين الذين عرفتهم سوح النضال والمقاومة.
رابعا: يهيب المكتب السياسي بكوادر الحزب وجماهيره مواصلة المقاومة والتعبئة والاستنفار والاستمرار في الحراك الشعبي السلمي ومواصلة الاحتجاجات بمختلف وسائل المقاومة المدنية وتنفيذ التظاهرات والاعتصامات والوقفات بالتضامن مع القوي السياسية ضد سياسات التجويع والغلاء والاستبداد والحكم الفاسد.
خامسا: يشيد المكتب السياسي ببيان سفراء الاتحاد الاوربي بالخرطوم الذي أبدي قلقه من احتجاز القادة السياسيين والناشطين والمصادرات المتكررة للصحف ودعوته الي الإفراج عن جميع المحتجزين وضمان عدم إساءة معاملتهم واحترام حق الشعب السوداني في حرية التعبير والتجمع السلمي وادانتهم للعنف المستخدم ضد المتظاهرين، كما يشيد ببيان التضامن مع المعتقلين والمتظاهرين الصادر عن مؤسسة هيومن رايتيس ووتش وغيرها، ويطالب الحزب كل مكونات المجتمع الدولي بإدانة سياسات وتعسف النظام ومناصرة الشعب السوداني في قضايا الحريات والحقوق.
سادسا: احيط المكتب السياسي علما باستجابة السيد رئيس الحزب لدعوة الالية الافريقية رفيعة المستوى، وأكد المكتب السياسي على أهمية مثل هذه الزيارات في هذا التوقيت، وذلك بغرض تنوير الالية وبعثات المجتمع الدولي بالعاصمة الإثيوبية أديس ابابا بالمستجدات الكارثية وتردي الاوضاع بالسودان ودعوتهم لمساندة حقوق الشعب السوداني في التعبير السلمي عن تطلعاته المشروعة، ومحاصرة النظام لإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وذلك مع التمسك بأن الوقت والظروف غير مناسبة إلى إي لقاء تشاوري لبحث إي قضايا غير انتهاكات الحريات والحقوق والضايقة المعيشية وتطورات المشهد السياسي.
وأخيرا: يري المكتب السياسي ان النظام عاجز وغير مؤهل لإنجاز اي إصلاحات، وان المرحلة الحرجة التي تمر بها بلادنا لا تقبل الا التغيير العاجل والشامل الذي يرتب الاوضاع ويعيد تنظيم بناء الدولة السودانية ويدعو الي مزيد من التوحد والاصطفاف حول “إعلان خلاص الوطن” كوثيقة لإدارة عملية التغيير، مع تطوير الاليات وتنويع ادوات المقاومة السلمية في مواجهة عنف النظام المضي قدما في طريق الخلاص لاقامة نظام جديد، ينهي هذه الحقبة المظلمة من تاريخ السودان، لينعم المواطن بالكرامة والعيش الكريم في وطن حر ديمقراطي.
المكتب السياسي لحزب الامة القومي
3/2/2018
أم درمان