بعد سنوات من تجارب النظام المريرة وسياساته الفاشلة وجرائمه الخطيرة ونهبه الأراضي وسوء إدارته الدولة ووعوده الكاذبة، والتردي غير المسبوق في الخدمات والاحتياجات المعيشية، وفرض القوانين الجائرة والإجراءات المجحفة، والتي أصبحت بموجبها البلاد مهددة بالانفجار من حجم المظالم التي طالت مئات الآلاف من السودانيين، والتي جعلت الحياة جحيما لا يطاق، وقد فجر هذا الاحتقان احتجاجات واسعة ورفع وتيرة المقاومة بصورة متصاعدة لا سيما المقاومة البطولية لمواطني منطقة الجريف شرق والتعبير بالاعتصام في الميدان العام كوسيلة لاسترداد الحقوق، والذي حتما سيفتح الباب أمام المواجهة الشاملة من أجل وقف عمليات النهب المنظم للأراضي واسترجاع المنهوب، فقد أعاد هذا الاعتصام حيوية الشعب السوداني وعدم تفريطه في حقوقه ومكتسباته.
إننا في حزب الأمة القومي نعد ما حدث في الجريف شرق نتاج حالة السخط والغضب والغليان التي يمر بها المواطن ويعاني منها الوطن، واختبار مبكر لعدم التزام النظام بمخرجات حواره المفضوح الذي اعتبره استقلالا جديدا.
لم يواجه النظام المطالب بالعمل على التخفيف من حدة الغضب بالبحث الجاد والمسؤول عن الحلول، والاستجابة للمطالب المشروعة، ووقف عبث المسئولين وتعديهم على أراضي وحقوق المواطنين، والاعتراف بأخطائه الجسيمة في نزع الأراضي بالقوة لصالح الفاسدين، وإرجاع الحق لأصحابه، وإنما سلك النظام سلوكه المعتاد بإستخدام القمع والاعتقال وإرهاب المواطنين والإجهاز على النضال المشروع.
يأتي اعتصام مواطني الجريف شرق بعد الإضراب الناجح الذي نفذه أطباء السودان بحثا عن بيئة صحية توفر الرعاية الصحية الأولية، والتململ في أوساط المعلمين والمزارعين والمهنيين، لتؤكد كل هذه التحركات الشعبية بأن الحقوق لا تعطى وإنما تنتزع، وأن تماطل وتراجع النظام عن وعوده حتما سيكشف آخر حلقات عجزه أمام الفساد والمفسدين.
وعليه فإن موقف حزب الأمة القومي من الاعتصام وردة فعل النظام :
أولا: يحي الحزب أهل الجريف شرق على مقاومتهم الباسلة، ويدعم بشدة مطالبهم العادلة وغيرها من المطالب، ويعلن كامل تضامنه السياسي والقانوني والإنساني، وسوف يواصل الحزب اتصالاته مع كل المجموعات المطلبية لانتزاع حق المواطن في حياة كريمة واحكام التنسيق لمعركة خلاص الوطن.
ثانيا: يحذر الحزب من مغبة استخدام القوة ضد المواطنين المكافحين لحماية أراضيهم من نهب وعسف النظام، ويذكر الحزب بأحداث سبتمبر 2013 والتي راح ضحيتها مئات المواطنين الذين اغتالتهم مليشيات النظام سيئة السمعة، كما يطالب الحزب بإطلاق سراح المعتقلين فورا، ويؤكد بأن العنف لن يثني عن النضال السلمي من أجل التغيير.
ثالثا: يدعو الحزب كل القوى السياسية المعارضة ومنظمات المجتمع المدني لإعلان موقف قومي لحماية أراضي السودان من تغول النظام ومنسوبيه ووقف بيع الأراضي لتمويل مشروعات النظام المشبوهة، وتبني حملة قومية لاسترجاع الأراضي المنهوبة والمسلوبة، ومناصرة ضحايا المتضررين في مشروع الجزيرة والسدود وتهجير المواطني وتوطين البدون وإثارة الصراعات القبلية حول الأرض والاعتداء المتكرر على الأراضي السكنية والزراعية، ويدعو الحزب الى توحيد وتنظيم صفوف كافة المتضررين وإقامة مؤتمر قومي للأراضي يرسم سياسات بديلة عن سياسات النظام الجائرة.
رابعا: يجدد الحزب موقفه الثابت بأنه لا مخرج من الأزمة الشاملة إلا بوحدة قوى التغيير، وانتظام تعبئة شاملة ضد الفساد والاستبداد، وتوسيع دائرة الاعتصام والإضراب وصولا لانتفاضة واضحة المعالم، وحمل النظام الى حوار متكافئ ومجدي يمهد للانتقال من التمكين والاستبداد الى رحاب الحرية والديمقراطية كخيار سلمي.
أخيرا: فلنجعل من اعتصام مواطني الجريف شرق حدا فاصلا بين من يريد استمرار ظلم وعسف النظام الانقلابي ومن يريد نظاما جديدا يحقق تطلعات الشعب المشروعة.
وما ضاع حق قام عنه مطالب..
أكتوبر 2016 – ام درمان