المرحلة السادسة

المرحلة السادسة

                                      المرحلة السادسة

منذ قيام ”الإنقاذ“ وحتى 2000م.

عندما انقض نظام “الإنقاذ” بقيادة العميد حينها عمر حسن أحمد البشير على البلاد هجم على حزب الأمة وكيان الأنصار بصفة مركزة.
قيادة الحزب رتبت نفسها على أساس تنظيم مرحلي يقوم على: عمل سياسي سري في الداخل، عمل وطني في الداخل يركز على الناحية الفكرية وتقوده هيئة شئون الأنصار، وعمل سياسي ودبلوماسي وإعلامي علني في الخارج يقوده تنظيم خارجي للحزب. هذا التنظيم الخارجي كون شبكة من المكاتب في عواصم أوروبا وأمريكا ودول الجوار ذات فاعلية عالية في جمع المعلومات وفي الإعلام وفي العلاقات الدبلوماسية، وفي تنظيم حلقات الدراسة خاصة بعد التحاق رئيس الحزب بالخارج في ديسمبر 1996م.

التجمع الوطني الديمقراطي:

كانت فكرة تكوين التجمع الوطني الديمقراطي فكرة اهتدت إليها القيادات السياسية المحبوسة في سجن كوبر في 1989م. وعندما بلغت الفكرة لممثل حزب الأمة بالخارج تبنى تكوين تنظيم بالخارج للتجمع الوطني الديمقراطي. هذا التكوين في الخارج كان مختلفا عن التكوين بالداخل لأنه ضم إليه الحركة الشعبية وجيشها. كان هذا التنظيم بالخارج مختلفا نوعيا من فكرة الداخل وحقق الآتي: تجميع كل فصائل المعارضة بمن فيها الفصائل التي تحمل السلاح- الاستعانة بتحالفات إقليمية ودولية وفرتها للتجمع السوداني سياسات نظام “الإنقاذ” التوسعية التي دفعت عددا من دول الجوار وغيرها لخدمة مصالحها عن طريق دعم المعارضة السودانية.  عقد مؤتمرات لبحث القضايا المصيرية فوصلت قمتها في مؤتمر أسمرا للقضايا المصيرية وقراراته في يونيو 1995م- الاتفاق على مواجهة شاملة لنظام الخرطوم وتحديد وسائلها في مؤتمر أسمرا 1995م.

هذه المواجهة الشاملة عمقت الأزمة وجعلت الاستقطاب بين النظام والمعارضة حادا فأدى ذلك لتضييق النظام الخناق أكثر فأكثر على المعارضة بالداخل. لذلك قرر حزب الأمة زيادة التركيز على العمل الخارجي لأن ظروف العمل بالخارج صارت أفضل وبالداخل تقلصت. لذلك كانت عملية تهتدون في ديسمبر 1996م، وهي العملية التي فيها هاجر رئيس الحزب السيد الصادق المهدي وبضع وعشرون من أعوانه سرا مخترقين الحدود الشرقية مع إريتريا.

بعد تهتدون زادت حدة المواجهة وفاعلية تحرك المعارضة على كل الأصعدة. بل عملية تهتدون نفسها نفذت بطريقة دراماتيكية أوضحت ضعف الأجهزة الأمنية وكسرت هيبة النظام وجردته من الرهينة “رئيس الحزب” التي استعملها لإبطال العمل الخارجي ضده.

كان حزب الأمة يرى أن التجمع الخارجي يعاني من ضعف داخلي رغم أن الظروف المحيطة به خدمته فجعلت صوته عاليا.

وفي عام 1998م قدم حزب الأمة مذكرة لزملائه في التجمع نقدته نقدا موضوعيا أهم ما فيه: هيكل التجمع القيادي أشبه بهيكل جبهة حاكمة لاقتسام السلطة منه بآلية نضالية- فصائل التجمع ليست مؤهلة بالقدر الكافي للقيام بواجباتها السياسية وتحتاج لإصلاح وتفعيل- العمل الخارجي معزول عن عمل الداخل- ميثاق التجمع يخاطب واقعا سياسيا انتهى. ولا يخاطب الواقع السياسي الجديد وينبغي أن يراجع- هنالك تكوينات معارضة جديدة في الداخل والخارج لا تشملها مظلة التجمع.

لم تكن فصائل التجمع غالبا مستعدة لمناقشة هذه المقترحات مناقشة موضوعية لأنها كانت في الغالب تركز على أن هيكل التجمع يشكل أداة لاقتسام السلطة فحرصت على الإبقاء عليه كما هو. كذلك كانت في الغالب تتوقع أن تؤدي مبادرات الجيش الشعبي وعداوة دول الجوار والأسرة الدولية سيما الولايات المتحدة الأمريكية، أن تؤدي هذه لإسقاط النظام.

بعد تهتدون كون حزب الأمة قوة ضارية ثانية للجيش الشعبي واستحدثت أساليب قتالية أكثر فاعلية.

انفرد حزب الأمة بين فصائل التجمع بأنه مع المشاركة الفعالة في العمل العسكري ينفرد باهتمام كبير بالعمل الإعلامي – والدبلوماسي- والفكري – وبالتواصل مع منظمات المجتمع المدني- وبالاتصال الوثيق بالأحوال داخل السودان.

هذه الحقائق أهلت حزب الأمة أكثر من غيره لقراءة الواقع السياسي في الداخل ، و الأمني والدبلوماسي.

صار واضحا لحزب الأمة منذ بداية 1997م أن النظام بدأ يغير خطابه الفكري والسياسي، وأنه بدأ ينقسم على نفسه. هذه القراءات للحقائق هي التي جعلت حزب الأمة يخاطب حلفاءه بأن ثمة مستجدات يجب أن نستوعبها وأن نعدل وسائلنا للتعامل معها. وهي التي جعلته يتجاوب مع محطة جنيف في مايو 1999م، ومحطة جيبوتي في نوفمبر 1999م. هذه القراءة لم تكن مقبولة لفصائل التجمع الأخرى والاختلاف هو الذي أدى للانقسام في التجمع. ومنذ أن تبلورت قراءة حزب الأمة الجديدة تبنى فكرة تطوير مبادرة الإيقاد لتشمل كافة أطراف النزاع وتوسيع أجندتها لتشمل نظام الحكم بالإضافة لاتفاقية السلام.

وعندما استعصى ذلك تبنى حزب الأمة التطلع لمبادرة إقليمية وعندما انطلقت المبادرة المشتركة المصرية الليبية في أغسطس 1999م، تحمس لها وتبناها. كذلك نظم حزب الأمة ورشة عمل فكرية سابعة في سبتمبر 1999م في القاهرة لدراسة قضية الحل السياسي الشامل من كل جوانبها. هذه الورشة أصدرت توصيات استعان بها رئيس الحزب في كتابة مذكرة الموقف التفاوضي للمعارضة بتاريخ 21/10/1999م.

مواصلة التحديث في كيان الأنصار: تم توسيع المشاركة واستكمال النقص في الأجهزة فتم تكوين مجلس الحل والعقد في 1994م من ممثلين لمختلف شرائح وأقاليم الأنصار وبمقاييس موضوعية وقد مارس المجلس صلاحياته المنصوص عليها في الدليل التأسيسي والذي تم تطويره ليصير أكثر ضبطا للأجهزة وتحديدا لعلاقاتها وأصبح يسمى الدليل الأساسي وهو الدستور الذي يحكم عمل الهيئة وقام مجلس الحل والعقد بانتخاب أمين عام بالإنابة – صار لاحقا أمينا عاما للهيئة – من الكوادر الشابة المؤهلة ليقود العمل التنفيذي. ثم قام المجلس بإكمال الأمانات التنفيذية العشر. وقد اخضع الدليل الأساسي عمل الهيئة للشورى وأقام أساس المسئولية على الانتخابات والمساءلة كما قرر أن يتم اختيار الإمام على أسس ومؤهلات معينة وأن يكون اختياره بالانتخاب بعد استكمال تنظيم الأنصار.

شارك: