المرحلة الخامسة

المرحلة الخامسة

    المرحلة الخامسة

منذ انتفاضة رجب/ أبريل وحتى انقلاب يونيو 1989

الرصيد النضالي الكبير والتنظيم الديمقراطي الذي حقق مشاركة شعبية واسعة والبرنامج السياسي الواضح (برنامج نهج الصحوة) مكن
ت حزب الأمة من خوض انتخابات 1986 بحملة نفيرية قوية بحيثحقق الحزب أعظم انتصاراته الانتخابية وحصل على عدد من المقاعد يبلغ تقريبا ضعفالحزب الثاني له في نتائج الانتخابات. وقد عقد الحزب لأول مرة مؤتمرا عاما -الخامس- كان مصعدا من القواعد بأقاليم السودان المختلفة، وقد أعيد انتخاب السيد الصادقالمهدي في الرئاسة بينما انتخبت أمانة خماسية جماعية مكونة من دكتور عمر نور الدائمود. آدم مادبو، والسيدة سارة الفاضل والسيد نصر الدين المهدي والسيد بكري عديل،وكانت هذه أول مرة تصل فيها امرأة في حزب سوداني لمنصب الأمانةالعامة.

انتصار الحزب في الانتخابات ضمن له دورا قياديا في الحكومة الائتلافية الديمقراطية، ولكن تراكم المشاكل التي خلقها النظام المباد حرم الحزب من الاهتمام المطلوب بالتنظيم المحكم بل اكتفى الحزب بالأسلوب التعبوي النفيري وانشغلت كوادره القيادية بمهام سلطة محاطة بالأزمات بحيث صار الجهد عبارة عن احتواء وإطفاء حرائق.

 نال حزب الأمة 101 مقعدا في الانتخابات ونال الاتحادي الديمقراطي 64 مقعدا ونالت الجبهة الإسلامية 51 مقعدا وكانا يمثلان قوى سياسية بداخلها عدد كبير من سدنة نظام مايو المباد. وعشية إعلان نتائج الانتخابات اتفق هذان الحزبان على الآتي: لا لإلغاء قوانين سبتمبر 1983 ـ لا لإنشاء محكمة قصاص شعبي ـ لا لقرارات مؤتمر كوكادام المعلنة في مارس 1986 والتي شارك فيها حزب الأمة مع حركة التمرد بالجنوب (الحركة الشعبية لتحرير السودان) وعدد من أحزاب السودانية. واتفق الحزبان أنهما يدخلان الحكومة الجديدة معا أو يعارضانها معا. هذه المناورة أضرت وطنيا لأن إلغاء قوانين سبتمبر 1983، وتكوين محكمة قصاص شعبي، من مبادئ ميثاق الانتفاضة. كما أن قرارات مؤتمر كوكادام تؤيدها غالبية قوى الانتفاضة. وقد وضعت حزب الأمة أمام موقف حرج لأنه لا يستطيع تكوين حكومة وحده وإن استعان بالأحزاب الصغيرة. فأمامه إما أن يحاول جر الاتحادي الديمقراطي من التحالف مع الجبهة الإسلامية القومية وذلك بتنازل عن بعض مبادئ ميثاق الانتفاضة أو أن يقف في المعارضة. وفي النهاية قاد الحزب ائتلافات في عهد الديمقراطية الثالثة استطاعت أن تمحو آثار النظام المايوي المدمرة، والمحافظة على استقلال القرار الوطني السوداني وتبني برنامج للحل السلمي لمشكلة الجنوب، وعلى الصعيد الاقتصادي انتقل مؤشر النمو من (-12) إلى (+12). ومضت في طريق أسلمة تحافظ على الوحدة الوطنية. كما احتوى الحزب كل المزايدات على شعار السلام ودعم حوارات القصر التي أدت إلى توقيع 29 حزبا ونقابة على برنامج القصر المرحلي في فبراير 1989. كما دعم حزب الأمة لقاء قادة الأحزاب الثلاثة في القصر: الأمة ـ والاتحادي الديمقراطي ـ والجبهة الإسلامية القومية. الذي صدر عنه إعلان تأييدهم بضوابط معينة للمبادرة السودانية للسلام في 4 يناير 1989. واستطاع حزب الأمة أن يثبت جدوى النظام الديمقراطي في مواجهة الأزمات وقد تصدى لأهم ثلاث أزمات وعالجها في إطار الشرعية الدستورية. تلك الأزمات هي :

  + غرق العاصمة تقريبا وأقاليم أخرى نتيجة السيول والفيضانات والأمطار في أغسطس 1988 فأمكن تنظيم جهد قومي عظيم لاحتواء الأزمة.

+ مواجهة موجة الإضرابات الشاملة التي انطلقت لمعارضة زيادات أسعار السكر في ديسمبر 1988م ومواجهة المؤامرات التي حاولت استبدال الم
ؤسسة التشريعية بالشارع فهزمت المؤامرة وتوصلت الحكومة مع القيادات النقابية لمعادلة مرضية.

+ مواجهة مذكرة قادة القوات المسلحة التي اندفع فيها القادة العسكريون هروبا من المساءلة العسكرية التي واجههم بها رئيس الوزراء في فبراير 1989م ففكر بعضهم تحويل المساءلة العسكرية المشروعة بعد انسحاب القوات المسلحة غير المبرر من موقع ليريا وتحويلها لمساءلة سياسية عبر مذكرة القوات المسلحة. لقد كانت هذه الفكرة غير صائبة ولكن الحكومة استطاعت أن تتعامل مع الأزمة بصورة أفرغتها من شحنتها المدمرة، وأمكن إنقاذ النظام الدستوري والعودة للانضباط.

كان النجاح في إدارة الحكم بموجب المؤسسات الدستوريةكاملا لدرجة أن الحكومة الائتلافية زادت من سندها البرلماني في أيامها الأخيرةلتحظى بدعم كل القوى السياسية في الجمعية التأسيسية ماعدا الجبهة الإسلامية القوميةالتي قررت أن تعمل خارج الشرعية الدستورية ودبرت انقلاب 30يونيو1989م الذي دمرت بهنفسها ودمرت به البلاد.

لقد أوضح رئيس الحزب في در
اسة أمام ورشة العمل الفكرية السادسة في القاهرة في مارس 1997م عن التجربة السودانية والحريات الأساسية. كيف أن القصور الحزبي ضمن عوامل أخرى أضعفت الممارسة الديمقراطية فانتهى الأمر لانقلاب يونيو1989.

شارك: